من ذاكرة احتجاجات “كبار” الرحامنة: “تمرد” و”خيانة” واعتقال نشطاء من حزب الاستقلال
عبد الكريم التابي.
بعد إحداث عمالة قلعة السراغنة بتاريخ 13 غشت 1973، تم تقسيم الرحامنة إداريا إلى الرحامنة الشمالية والرحامنة الجنوبية، وتم تعيين الحاج امحمد العيادي رئيسا للدائرة على الأولى، الشيء الذي لم يستسغه هو ومجموعة من أعيان القبيلة ونشطائها الذين عقدوا اجتماعا بمنزل المرحوم الطاهري محمد بن الطاهر، وحضره ما يناهز ستين شخصا، أبرزهم الآتية أسماؤهم: الحاج عمر كشريد ـ الحاج ادريس البصري ـالحاج المدني ـ الطاهري محمد بن الطاهر ـ الحاج كبور ـ الغنامي ابراهيم ( الباكوري) ـ البشير بلقاضي ـ عبد الله بوستة…
وقد كان موضوع الاجتماع، هو التمسك بالحاج امحمد العيادي رئيسا للدائرة على كل الرحامنة، والقيام بزيارة للديوان الملكي من أجل التشكي فيما اعتبروه قرارا لا يطمئنون إليه.
وبعد أن اتفق المجتمعون على ترتيبات السفر إلى الرباط، و فضلوا أن يذهب كل واحد منفردا، تحوطا من أي منع محتمل، كان اثنان منهم حسب إحدى الروايات ( الحاج كبور والغنامي ابراهيم “الباكوري” ) ، قد أوصلا الخبز إلى الفرن، وأخبرا عامل الإقليم ما تم الاتفاق عليه في الاجتماع سالف الذكر.
وفي الوقت الذي كان كل عضؤ يستعد للخروج قاصدا الرباط حسب الاتفاق، كانت في الآن ذاته عناصر القوات المساعدة ترابض أمام منزل كل واحد، في انتظار ثنيه عن السفر تنفيذا لتعليمات أول عامل على إقليم قلعة السراغنة المسمى “قميحة”.
فشلت محاولة لقاء الديوان الملكي، وقرر حزب الاستقلال تنظيم تجمع جماهيري خطابي بالملعب البلدي، يؤطره السيد امحمد بوستة الأمين العام للحزب الذي خلف الزعيم علال الفاسي الذي توفي في السنة ذاتها ببوخاريست عاصمة رومانيا. ولما شرع أعضاء الحزب في حملة التحضير للنشاط بدعوة الناس والمتعاطفين في عدد من مناطق الرحامنة، تم اعتقال بعض نشطاء الحزب ( الحاج المدني والطاهري محمد بن الطاهر والحاج بوعبيد وعبد الله بوستة ) ومتابعتهم بتهمة كيدية ملفقة كرد على تجاوزهم وتحديهم للعامل بمحاولة عرض تظلمهم على الديوان الملكي، و تزعم التهمة أنهم كانوا يجمعون الأموال بدون رخصة، وعززت ببعض الشهود الذين تم استقدامهم لإدانة المتهمين، كما تمت متابعة الحاج ادريس البصري ( والد الإخوة عبد الخليد وتوفيق وعبد الرحمان ) وشخص آخر في حالة سراح.
تمت إحالة المتابعين على المحكمة بالقلعة والذين كانوا مؤازرين بحوالي عشرين محاميا فيهم عدد من النقباء. وبعد مناقشة النازلة من طرف هيئة الحكم التي كان يرأسها القاضي بوشعيب الكمالي وتراجع الشهود عن أقوالهم، تم الحكم ببراءة جميع المتهمين من المنسوب إليهم.