OCP

عبد العالي بلقايد في ضيافة الحاج محمد الرزكي، قاهر البوليساريو في محاميد الغزلان

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور نمية: ذ عبد العالي بلقايد

 

في أعماق الصحراء، وسط أشجار النخيل الوارفة التي تحكي صمود الأجيال، حللت ضيفًا على الحاج محمد الرزكي، الرجل الذي صار رمزًا للبطولة الشعبية ضد مرتزقة البوليزاريو. كانت الزيارة برفقة عبد اللطيف بوصوف، حفيد الحاج محمد، والذي يمثل الجيل الجديد من الرزكيين الذين كانوا يومًا ما من سكان أحد دواوير المنطقة، حيث تقف اليوم القاعدة العسكرية في ابن جرير. ومع الزمن، انتقل أغلبهم إلى ابن جرير أو مدينة مراكش.

بدأ الحاج محمد يروي لي تفاصيل معركة لا تزال محفورة في ذاكرته. في ذلك اليوم المشهود، حاولت عصابات البوليزاريو اجتياز وادي درعة للسيطرة على مركز المحاميد. كان الوضع في غاية الصعوبة، فالساكنة المحلية كانت قليلة العدد، ولم يكن لديهم من الوسائل إلا القليل. لكن القدر جمعهم مع مجموعة صغيرة من عناصر الحرس الملكي، الذين كانوا يقضون عطلتهم في المنطقة، ليشكلوا معًا جبهة دفاع ارتجالية.

قرر الحاج محمد ورفاقه المبادرة بالهجوم، فأطلقوا نيرانهم على سيارة جيب كانت في مقدمة المرتزقة. أصابت الطلقات عجلات السيارة وقتلت السائق في الحال، وهو ما بث الذعر في صفوف المرتزقة، الذين ظنوا أن هناك قوة كبيرة ترصدهم وتستعد لإلحاق خسائر موجعة بهم. هذا الاعتقاد جعلهم يترددون ويتوقفون عن اجتياز وادي درعة.

ولم يكتفِ الحاج محمد ورفاقه بذلك، بل واصلوا المرابطة بين أشجار النخيل، مانعين العدو من التقدم. وبعد ساعات من الاشتباكات، وصلت الطائرات المقاتلة التي أُرسلت لدعم السكان، فأجبرت المرتزقة على التشتت بين النخيل، ولم يجدوا بدًا من الانسحاب تحت جنح الظلام، عائدين خائبين إلى تندوف.

كانت تلك المعركة نموذجًا لما يُعرف بحرب التحرير الشعبية، حيث اتحد المدنيون والعسكريون في مواجهة عدو مشترك. وقد عكست عفوية هذه المبادرة ما كانت تنادي به الحركة التقدمية في المغرب، خاصة الاتحاد الاشتراكي بقيادة عبد الرحيم بوعبيد، الذي دعا إلى تعبئة الشعب للدفاع عن الوطن.

ولم تقتصر روايات الحاج محمد على المعركة وحدها، بل تحدث عن زيارة المغفور له الملك الحسن الثاني لمنطقة المحاميد. خلال الزيارة، وزّع الملك أسلحة رمزية على بعض السكان، في بادرة لتشجيع المبادرات الشعبية للدفاع عن الأرض والإنسان.

كما استذكر الحاج محمد التجاوزات الخطيرة التي ارتكبتها عصابات البوليزاريو. ففي إحدى الوقائع المؤلمة، هاجم المرتزقة سكانًا كانوا يقيمون عرسًا، ولم يكتفوا بسرقة أنعام القبائل، بل أخذوا أيضًا الطعام الذي كان معدًا للمدعوين. هذا التصرف الوحشي، الذي يتنافى مع الأعراف والتقاليد وحتى القوانين الدولية، كان مثالًا على الأساليب البشعة التي استخدمها المرتزقة لزرع الرعب في المنطقة.

رغم قلة الإمكانيات، كانت تلك المعركة في محاميد الغزلان نموذجًا حيًا للشجاعة والتضحية. الحاج محمد الرزكي، هذا الرجل البسيط والشجاع، لم يكن مجرد مقاتل بل كان رمزًا لعزيمة شعب بأكمله، يدافع عن كرامته وأرضه ضد عدو لا يعرف الرحمة.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.