OCP

تراجع الصحف الكبرى عن تأييد المرشحين الرئاسيين: تحولات في المشهد الإعلامي الأمريكي

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور تنمية بتصرف عن موقع Poynter

 

شهدت الأسابيع الأخيرة تحولات لافتة في موقف بعض الصحف الأمريكية الكبرى من دعم المرشحين الرئاسيين، ما أثار تساؤلات حول مستقبل دور وسائل الإعلام في الانتخابات. ففي خطوة غير تقليدية، منع أصحاب الصحف المليارديرات، مثل جيف بيزوس مالك صحيفة واشنطن بوست و باتريك سون شيونج مالك لوس أنجلوس تايمز، نشر مقالات افتتاحية كان من المفترض أن تؤيد نائب الرئيس كامالا هاريس. هذا القرار أثار جدلاً واسعًا داخل غرف الأخبار، مما أدى إلى استقالات داخل لوس أنجلوس تايمز وتقديم عريضة احتجاج من قبل كُتاب الرأي في واشنطن بوست.

أما صحيفة يو إس إيه توداي، التي كانت قد أيدت مرشحًا رئاسيًا لأول مرة منذ 38 عامًا في عام 2020، فقد اختارت العودة إلى الحياد هذا العام، في حين أن وول ستريت جورنال لم تقدم أي دعم لأي مرشح رئاسي منذ انتخاب الرئيس هربرت هوفر في 1928، وإذا غيرت الصحيفة موقفها في المستقبل القريب، سيكون ذلك بمثابة مفاجأة كبيرة. في المقابل، استمرت نيويورك تايمز في دعم هاريس، مما جعلها تبرز عن غيرها من الصحف الكبرى.

وأشار ريك إيدموند من مؤسسة بوينتر إلى أن الابتعاد عن اتخاذ مواقف انتخابية أصبح ظاهرة شائعة، خاصة بين الصحف الإقليمية. وأوضح أن العديد من الصحف الكبرى مثل جانيت و ميديا نيوز جروب التابعة لـ ألدن جلوبال و تريبيون بابليشينج تخلت عن سياسة تأييد المرشحين الرئاسيين، بينما استمرت صحف أخرى تابعة لمؤسسات مثل هيرست و أدفانس لوكال في منح صحفها الحرية لاختيار دعم المرشحين.

وفي هذا السياق، تصدرت الصحف المحلية التي تملكها منظمات مستقلة القائمة المتبقية من الصحف التي لا تزال تواصل تقديم تأييدها للمرشحين. ومع ذلك، يتزايد الاتجاه نحو الحياد، حيث أعلنت صحيفة مينيسوتا ستار تريبيون أنها لن تقدم أي تأييد انتخابي في الانتخابات الحالية. وعللت الصحيفة هذا القرار بضرورة تركيز الجهود على توفير تحليل سياسي شامل للمرشحين بدلاً من اتخاذ مواقف قد تعتبر غير ملائمة في ظل الاستقطاب السياسي الحالي.

العديد من الصحف الإقليمية، مثل تامبا باي تايمز و ستار تريبيون، تخلت عن تقليدها القديم في تقديم التوصيات الرئاسية. وأشار بعض المسؤولين التنفيذيين في تلك الصحف إلى أن هذا التحول يعكس التحديات التي تواجه غرف الأخبار في ظل انخفاض أعداد العاملين وندرة المساحة المتاحة لنشر الموضوعات. علاوة على ذلك، أظهرت دراسات أن المقالات الافتتاحية، خاصة في صيغتها الرقمية، هي من بين المحتويات الأقل قراءة.

وفي هذا السياق، أضافت جانيت إلى أنها توصلت إلى أن القراء لا يريدون أن تُملي عليهم الصحيفة ما يجب عليهم التفكير فيه. ولهذا، فإن منح القراء مساحة واسعة للمشاركة في النقاشات حول القضايا المحلية أضحى بديلاً مقبولاً لدى العديد من الصحف. كما أشار العديد من المحررين إلى أن الصحف المحلية لا تشعر بالراحة في اتخاذ مواقف حاسمة بشأن القضايا الوطنية، وهو أمر قد يؤدي إلى فقدان مصداقيتها لدى الجمهور.

وقد أعرب بعض المحررين، مثل ريتشارد جونز من فيلادلفيا إنكوايرر، عن إيمانهم الراسخ بأن التأييد الانتخابي جزء أساسي من مهمة الصحيفة لخدمة الجمهور، خاصة في السباقات الانتخابية المتقاربة. بينما أضافت كيت رايلي من سياتل تايمز أن قراء الصحيفة يقدرون هذه التأييدات، والتي توفر لهم تحليلاً معمقاً حول تأثير سياسات المرشحين على القضايا المحلية.

وفيما يخص الصحف التي تخلت عن تقديم تأييد مرشح رئاسي، عبّر العديد من المحررين عن خيبة أملهم، إلا أنهم في الوقت نفسه فهموا أن الظروف الحالية، بما في ذلك الاستقطاب السياسي الحاد، تجعل من الصعب على الصحف اتخاذ مواقف علنية. وفي هذه الأوقات، يرى البعض أن الصحف بحاجة إلى أن تكون حذرة في دعم مرشح رئاسي، خوفًا من التأثير على علاقتها مع جزء من جمهورها الذي يدعم المرشح المنافس.

وفي المقابل، لا يزال هناك من يؤمن بضرورة تقديم الصحف لتوصيات انتخابية، حيث يرى هؤلاء أن دور الصحافة لا يقتصر فقط على نقل الأخبار، بل يمتد إلى توجيه الناخبين من خلال تحليلات وتوجيهات مفيدة قد تساعدهم على اتخاذ قراراتهم السياسية.

وتختتم هذه التحولات في المواقف الصحفية بالتأكيد على أن الإعلام بحاجة إلى مواكبة التغيرات المتسارعة في طريقة استهلاك الأخبار. فمع تزايد انتشار المعلومات عبر الإنترنت، قد يكون من الصعب الحفاظ على التفريق بين الأخبار والمقالات الافتتاحية في الصيغ الرقمية. لكن مع ذلك، يبقى السؤال مفتوحًا: هل ستستمر الصحف في اتخاذ مواقف أكثر حيادية أم ستعود إلى تقديم دعم علني للمرشحين؟ هذا سيعتمد على تطور الظروف السياسية والتغيرات في تفضيلات الجمهور.

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.