OCP

الغش في رمضان .. ما هي الأسباب التي تدفع المغاربة إلى ممارسة الغش؟

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لفور تنمية. د عمر الايبوركي

ظاهرة الغش سلوك اجتماعي مكتسب ضمن مجتمع يعرف مشكلة الندرة في الموارد ،ونقصا في تلبية الحاجيات الضرورية، وهو وسيلة للكسب، والوصول الى خدعة النصب والاحتيال على المواطنين لمراكمة الثروات. وهذا يرتبط بتحولات المجتمع الذي عرف طفرة اقتصادية واجتماعية تتجلى في انتشار النمط الاستهلاكي الذي يدفع الأفراد نحو التنافس اللامشروع. لقد اصبح الانسان عاريا أمام السوق بتعبير عالم الاجتماع الالماني ماكس فيبر، وفي هذا الوضع الاقتصادي المتأزم يلجّأ الى الغش الذي من شانه ان يجعله منافسا في المجال التجاري. ينتشر هذا السلوك عند كل الشرائح الاجتماعية، وفي  مجالات الصناعة والزراعة والتجارة لا سيما بعد التقدم التكنولوجي الذي ساعد على التدليس والغش من أجل الربح والنمو المادي.

    كما ان التنافس الاجتماعي يذكي هذه الظاهرة، ويجعل الغش سلوكا منتشرا يتشربه الفرد منذ صغره ويتحول الى سلوك طبيعي في محيط عائلي أو مهني يتربى  في حضنه. اعتقد ان من الأسباب التي تدفع المغاربة الى ممارسة الغش هي الهشاشة والفقر بالنسبة للطبقات الدنيا، وايضا عدم التأهيل المعرفي، والمهني والاقتصادي الذي يدفع الى البحث عن الربح المجاني بأي طريقة كغاية عند الغشاش، ويبدو ذلك في الكثير من الخدمات والمهن، وفي بيع وانتاج المواد الاستهلاكية.

يعرف رمضان ارتفاع مظاهر الغش والتدليس سيما في المواد الاستهلاكية، كيف يمكن تفسير التناقض الذي يطبع سلوك الصائم الغشاش؟

       لعل من المفارقة الغريبة هي انتشار ظاهرة الغش في المجتمع المغربي، وفي شهر رمضان الذي هو شهر عبادة الصيام  كطقس مقدس عند المسلمين. وهذا يشكل في حد ذاته انفصاما بين السلوك والاعتقاد، فالتغيرات الاجتماعية التي عرفها المجتمع الاستهلاكي لم تعد فيه التقاليد الدينية والاجتماعية هي القوة المسيطرة، بل أضحى الأمر موكولا الى الأسواق، والتوجيه الاعلامي للبحث عن الخدمات والخيرات المادية. ومن المظاهر التي تؤكد هذه المفارقة أن بعض المهنيين كثيرا ما يلجؤون الى التستر بما هو ديني سواء على مستوى اللباس،او التردد على المسجد لخداع الناس ،واتخاذها طريقة للغش  والربح المادي.

    واعتقد ان هذه السلوكات ذات الطبيعة الانفصامية لم تظهر في المجتمع المغربي او تتأجج الا بعد بروز تيارات دينية شعبوية وافدة اقترن فيها الجهل بالتدين، بعد ان تربى اجيال من المغاربة على الدين الاخلاقي الذي يعمل على تنشئة الفرد على القيم الأخلاقية الانسانية من صدق وأمانة وتسامح، واحترام للآخرين.                                                                                                                  .

    ان هذه التصورات تختزل التدين في بعض المظاهر الخارجية، وفي المواظبة على الطقوس من صلاة وصيام وحج، وهذا من اجل التقدير الاجتماعي فقط، لما للتدين من قيمة رمزية في المجتمع. وأما المعاملات والعلاقات الأخرى فهي في الغالب بعيدة عن كل ما هو أخلاقي، ومبنية على الفردانية والعلاقات الاستغلالية والتدميرية التي يشكل الغش أحد ابرز معالمها…..

كيف يمكن للمواطن تدبير أمورهم في ظواهر الغش والتدليس وارتفاع الأسعار؟

      غالبا ما يعاني المواطن من الغش والتدليس، او من الاحتكار حينما تغيب مؤسسات الدولة عن تدبير الموارد وتنظيم الخدمات ،وهيكلة المبادلات التجارية ومراقبة الاختلالات التي قد تطبع النشاط التجاري.

     هنا لا بد من الحديث عن المواطنة التي هي مجموعة من الحقوق والواجبات، والمواطن لا يمكن ان يدبر أموره في غياب مأسسة العلاقات الاقتصادية. وهذا يتطلب ما يسمى بالحكامة التي  تكون مصحوبة بالقوانين الدقيقة والمساطر الادارية البسيطة وتطبيق القانون للحفاظ على الحقوق .واما وان الاقتصاد تتحكم فيه آليات تقليدية كالاقتصاد غير المهيكل، فهو مرتع للفوضى، والغش والارتشاء الى غيرها من المظاهر السلبية التي تطبع العلاقات والتبادلات التجارية.                            .

 وكحل لهذه الظواهر الاجتماعية لا بد من تأهيل المواطن الصالح من خلال تنشئة مواطنة تلعب فيها المؤسسات الاجتماعية كالأسرة والمدرسة والاعلام دورها في  التربية على المواطنة ليمارس أدواره الاقتصادية والسياسية في اطار القانون والأخلاق.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.