أن يؤمِن الجميع، ويعتقد الجميع في “تصوّر ما”، ليس ذلك معناه أنّه وجهُ الحقيقَة، وأن ماعداه عاداهُ. يثبت التّاريخ نفسه، أن “الجمْع (الجْمَاعَة)” عابدُ هواهُ لاغيْر، وأنّ “المنبوذين” وحدهم من قدّمُوا للإنسانيّة “حقائقَ” مَا.
مَن يُتعِب نفسَه بدعوَة النّاس إلى ما فيهِ، اعتقاداً أنّه “الحقّ”، يذهَل عَن حكْمَة اللّه في خلْقِه: إنّ الطّريق إلى الحقّ، بعدَد أنفَاس الخلْق…
وبَعدُ، تمسّك بشكيمَة “الشكّ”، زورَق نجَاةٍ مِن “حرُوب اليقِين”…فلولاَ اليقينُ ما عَاش الوهْم ولا عمّر..
“وأمّا اليقينُ فلا يقينَ وإنّما أَقصَى اجْتهَادي أن أظنّ وأحْدسَا”..
“يكادُ الإنْسَانُ لاَ يولَدُ إلاّ و”كسوَةُ النّجَاة” مهيّأةٌ خيُوطُ نسجْهَا: من أيْن أتيْنا؟ وإلَى أين ذاهبُون؟ لمَ هكذاَ، وليْس كمَا كذا؟ كيف صار هذا، وتشكّل كذا؟ ما الذِي يكُون بعْد كلّ هذا، وما الذي كان قبْل ذلك؟ كلّها خيُوطٌ منفلتَةً، تشدّ “آلَةُ نسيجٍ” عظيمَة، بعضها إلى بعْضِ، لتَخيطَ بهَا “المعْنى” (معْنى العالم، ومعنى الإنسان، وما يتعلّق بهِما)، ليْسَ مهمّاً انضباطُهَا لمنطقٍ عقلانيّ مَا، لكنّ المهمّ هوَ طمأنَة الإنسَان أن عبُورَه ليس هو حضوره الوَحيد في العالَم.