الكتابة في زمن كورونا: البقَاءُ للأَقْوَى…مقتطف من “هلْوسَة مطوّلَة” بواسطة هيئة التحرير في 25 مارس, 2020 0 شارك FacebookTwitterWhatsAppالبريد الإلكترونيLinkedinTelegramطباعة احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن. الاشتراك ذ عبد الواحد أيت الزين ندُوس العشْبَ، ونطبُخَ الخضرَاوَات، ونبيدُ الحشرَات، ونشْوِي كبدَ، ورئةَ، وقلْب بعض الحيوَانَات شيّاً بطيئاً مسْتمتعينَ بملاَذّهَا وروائحهَا (التِي نصفُهَا بالزّكيّة)، دونَ أن نعْتبرَ أنّنا نلحقُ بهَا ضررًا، أَو إنّنا نقْترفُ جريمَة شَنْعَاء فِي حقّهَا، لماذَا؟ لأنّه، وكمَا إنّنا درجَات، يتّخذُ القويّ منّا الضّعيفَ مُسخّراً، فإنّهَا مسخّرةٌ لنَا لنَفعلَ بهَا ما نشَاء. نحنُ “سادَة الطّبيعَة ومالكُوهَا” لأنّنا الأَقْوى، ولأنّ اللّه تعالَى سخّرَهَا لنَا. فرَضَ وعيُنَا بالطّبيعَة، أنْ نتصوّرَ، أنّها لمْ تُوجَد إلاّ لإمْتاعنَا وسدّ احْتيَاجَاتنَا. أنْ نعيشَ، معناهُ أن يمُوت بعضُ شركائنَا فِي الوُجُود، فمَاذَا لوْ كانَ فِي موْتنَا حيَاةٌ لكَائنَات تُصِرّ أنْ تحيَا بدَورِهَا! “كورونَا” شَاهدٌ حيّ علَى ما نقُول: فِي النّهَايَة لنْ يحيَا إلاّ الأَقْوى: إمّا نحنُ، أو الفايْرُوس… حتّى تصوّرنَا للفَايرُوس تصوّر إنْسانيّ، يرَى فِي كلّ مسّ ب”جسدنَا” اعْتدَاءٌ خارجيّ عليْه. نرفُض أن نكونَ “سكناً” لمواطنينَ آخرينَ في “عمَارَة الطّبيعَة” كالفايروسَات في حالتنَا، ونذهَلُ عن حقيقَة أنّ مسَاكنَنا كانَت علَى حسَاب حيَاة كثِيرِ من “سكّان الطّبيعَة”. نصَاب بالذّعْر، لأنّ هذه “الجيُوش الغازيّة” شبيهةٌ بنَا، إنّها وجهُنا الآخَر، الّذي يسْتعذِبُ إبَادَة مَا لا نهايَة لهُ من الحشرات ب”رشّة” مُبيد. نُصاب بالهلَع، لأنّ هذَا الفايرُوس، لاَ يني، يذكّرنَا بحقيقتنا المُرعبَة: إنّه لا يَرحَم، ونَحنُ كذلكَ. لهُ سِياسَة تَوسّعيَة رَهِيبَة، ونحن كذلك. إنّه لاَ شَيء يشبع نَهمَه سِوَى التّعْذيبُ والمَوْت، ونحن كذلك، وقس عليه منْ نُتُوءَات وجْهنَا المَصْقُول فِي آخرِ أشْكالهَ الوحشيّة علَى مرَايَا “الرأسماليّة الطّأئشَة”. مثلمَا هتَكْنَا “آدَاب الحَيَاة المُشترَكَة” مَعَ مَن يُقاسمُنا هذه الحيَاة، ويسكنُ في طَبَق من طَوابقِها، ومثَلمَا اسْتبَحنَا “حرْماتهِم وحياتهِم”، فإنّنا، نرتعب من “الفايروس” لأنه بدوره –مثلُنا- لاَ يريدُ أن يَحفَظ آداب السّكَن فينَا، وإنّما يشكّل تخريبُ مَا يشكّلُ شرْطَ وجُودنَا (الجهَاز التّنفّسيّ) هوايتَهُ المُمْتعَة، مثلَمَا كان تَخريبُ الطّبيعَة لدَيْنَا –لدَى الرّأسمَاليّة المَاليّة الطّائشَة أساساً- هوايَةً لتصْريفَ نُظُمنَا الاقْتصاديّة والسيّاسيّة لجنُونهَا ووَحْشِيّتهَا. وكأنّي ب”جيُوش كورُونَا”، تأخُذ بِثأْرِ جَميعِ ضحَايَانَا التّاريخيّيّن: نبَاتَات، حيوَانَات، حَشرَات، كَائنَات مجْهَريّة أخرَى… لا امْتيَازَات لنَا أمَام الطّبيعَة، سوَى ما نصْنعهُ: إمّا نعيش ويمُوت الفايرُوس، أو نمُوت ويحيَا الفايرُوس. وحدهُ قَانُون “البقَاء للأَقْوى” مَا يحفظهُ تَاريخُ الأَنْوَاع….لكن أمَامنَا فرْصةٌ وجُوديّة كبْرَى، أن نصيرَ للطّبيعَة وموَاطينهَا الآخرينَ (نباتات، حيوانات، حشرات، باكتريا…إلخ) أصدقَاءَ، أن لاَ نُنهكهَا، ونحمّلهَا مالاَ طاقَة لهَا به. طبعاً، لنْ تُنهيَ “صدَاقةُ الطّبيعَة” المعَاركَ الطّاحنَة فيمَا بيْن المقيمينَ فيهَا وعلَى رأسهِم الإنسَان، لكنّنا سنقلّصُ علَى الأقلّ من تكلفَة هذه الحرُوب، قللحرُوب أيضاً “آداب وأخلاق”… 0 شارك FacebookTwitterWhatsAppالبريد الإلكترونيLinkedinTelegramطباعة