القاص والروائي عبد الغفور خوى يصدر مجموعته القصصية الجديدة (عندما يزهر الحزن).
ويرى الناقذ أحمد فواز أن المبدع عبد الغفور خوى عاد من سباق المسافات الطويلة إلى سباق المسافات القصيرة، مفتونا بسحر هذا النسق السردي الشائك بأسئلته وتجاوزاته وشغبه، رغم الضوابط الناظمة له، والتي لا يمكن ترويضها إلا بالممارسة والوعي النظري.
في أضمومته الجديدة، يبحر عبد الغفور خوى، متوغلا في تضاريس الثقافة الإنسانية بشتى مكوناتها وروافدها، ليصنع من رحيقها إكسير الحياة…
في ” عندما يزهر الحزن ” حقق عبد الغفور خوى نقلة نوعية على مستوى طرائق السرد وتوظيف الأزمنة، والتنقل الحذر بين مختلف حقول المعرفة، حيث تساكنت الفلسفة مع الأدب والأخبار والتاريخ كل ماله انتماء إلى الثقافة الإنسانية، بل تساكن السرد مع الشعر إلى حد الانصهار… هكذا عودنا عبد الغفور خوى حالما في إبداعاته ممتطيا صهوة المجاز، يحول الواقع خيالا، والخيال واقعا، يشد الأنفاس بحبكات محكمة، يغدو معها النص متاهة، تستوجب الحذر للتغلب على مسالكها…
نصوص تسائل قضايا، يرزح تحت ثقل وطأتها بسطاء الناس كالهجرة والخوف والتسلط والعبودية وآلام الحروب والتقتيل والإرهاب، ناهيك عن الأسئلة الفلسفية التي تحاول إضاءة بعض الجوانب المعتمة من الوجود وحقيقة الإنسان، إلى جانب قضايا سياسية تم عرضها بأسلوب السخرية والتهكم، بهدف التحدي وتحقيق الوظيفة السامية للإبداع، أي التطهير le catharsis باعتماد اللغة الشفيفة والجمل المركزة والتكثيف والحذف لإنتاج نص في مستوى بلاغة السهل الممتنع….
في مجموعة ” عندما يزهر الحزن ” يحضر أيضا المشهد الصوفي في أقسى حالاته وأرقى مقاماته، حيث الشهادة والصعود إلى الأعالي كما حدث للحلاج والسهروردي ، كما يحضر العجيب، حين مواجهة الإنسان لمصيره، في مجتمع تفاقمت أعطابه، إلى أن اختل توازنه وانهارت قيمه…
هذه انطباعات عامة من مجموعة تخفي أضعاف ما تبدي، سيرا مع بلاغة الحذف والإضمار، مما يستدعي الكثير من التأهب للوصول إلى لذة النص.