OCP

قراءة موجزة في كتاب الدكتور عبد الجليل معروف: تكوين أساتذة تدريس العلوم.. نحو مقاربة ديداكتيكية جديدة

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور تنمية: ذ محمد بوخار

في سياق التحولات التي يعرفها الحقل التربوي الدولي عموما، والمغربي خصوصا، يطل علينا الباحث المغربي، الدكتور عبد الجليل معروف بعمل علمي دقيق، من خلال كتاب يحمل عنوان:
La formation des des professeurs à l’enseignement des sciences – vers une nouvelle approche didactique –
صدر هذا الكتاب حديثًا عن دار الثقافة بالدار البيضاء، يقترح فيه المؤلف إعادة نظر جذرية في كيفية تأهيل أساتذة العلوم، من خلال رؤية ديداكتيكية، تعتبر أن الخطأ ليس عائقا أمام اكتساب المعرفة، بل إنه على العكس من ذلك، أساسي لبناء المعرفة العلمية.
ومن خلال قراءتي المتأنية لهذا الكتاب، تبين لي أنه قد قام فعلا بتقديم إضافات مختلفة إلى مجال تكوين أساتذة تدريس العلوم. يتجلى ذلك في ابتعاد المؤلف عن المقاربات التلقينية التقليدية، التي تعتبر التكوين مجرد نقل للمعرفة، أو تدريب على تقنيات معينة سلفا، ليضعنا أمام تصور جديد يربط بين الممارسة الميدانية، والتحليل النظري، والبحث الديداكتيكي. فالتكوين في مجال تدريس العلوم حسب نظره، لا يكتمل دون استيعاب معمق لتمثلات المتعلمين؛ تلك التصورات المسبقة التي تشكل نظرتهم إلى المفاهيم العلمية، والتي قد تعيق استيعابهم لها، إذا لم تؤخذ بعين الاعتبار.
كما يطرح الكتاب مفهوما جديدا للمهننة في مجال التدريس من خلال سؤال محوري: ماذا يعني أن يكون الأستاذ مهنيا؟ لا يقدم المؤلف إجابة جاهزة، لكنه يقترح أن تكون المهننة نتيجة لممارسة تأملية، بحيث يصبح المدرس باحثا عن ذاته في ذات المتعلمين، يقرأ أخطاءهم ويعيد بناء درسه بناء على ما يكشفه له الواقع، وليس على ما تمليه عليه المقررات، والتوجيهات الرسمية. ذلك، لأنه من شأن هذا التصور أن يمنح للمدرس استقلالية في التفكير، وتحررا من نمطية التكوين القائم على القوالب الجاهزة.
ولعل أحد أبرز نقط قوة الكتاب، هو توازنه بين الطرح النظري والبعد التطبيقي، بحيث يعرض نماذج معينة من وضعيات التكوين، ويقترح لها أنشطة يمكن تفعيلها في سياقات مهنية حقيقية، رغم أن القارئ المتعطش إلى الأمثلة الميدانية، قد يلاحظ محدودية توظيف دراسة حالة”de Cas Etude أو تجارب مقارنة قد تعزز أطروحته.
ختاما، أعتبر أن ما يميز هذا الكتاب، هو جرأته الفكرية في مساءلة البديهيات السائدة داخل مؤسسات التكوين، ودعوته الصريحة إلى تجاوز التكوينات الشكلية التي تغيب عنها روح التأمل والتجديد، من أجل إعادة التفكير في تكوين أساتذة العلوم، لا كإجراء إداري، بل كرهان فكري وتربوي يتطلب الانخراط النقدي والعمق المعرفي.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.