تحليل ديموغرافي لإقليم الرحامنة بين 2014 و2024: ديناميكيات سكانية متباينة وفرص لتنمية مستدامة
فور تنمية
بين عامي 2014 و2024، شهد إقليم الرحامنة تغيرات ديموغرافية بارزة، وفقًا لإحصاء السكان والسكنى الذي أجرته المندوبية السامية للتخطيط لسنة 2024، حيث استُخدمت تقنيات متقدمة شملت الأجهزة اللوحية ونظم المعلومات الجغرافية، مما ساعد في توفير بيانات دقيقة وسريعة. وقد أظهرت هذه البيانات تباينًا واضحًا في معدلات النمو السكاني بين الجماعات القروية، حيث سجلت 15 جماعة ارتفاعًا في عدد السكان، بينما عرفت 9 جماعات تراجعا سكانيا، ما يعكس ديناميكيات سكانية متباينة تستحق الدراسة .
وبالعودة لأرقام المندوبية السامية التخطيط حققت بعض الجماعات زيادات ملحوظة في عدد السكان، وأبرزها مدينة ابن جرير التي ارتفع عدد سكانها من 88,626 في 2014 إلى 114,872 في 2024، مما يمثل زيادة تعادل 26,246 نسمة، ويعكس جاذبية المدينة كأحد مراكز الإقليم الحضرية المتنامية. وقد شجعت فرص العمل المتاحة، خصوصاً في المدينة الخضراء بالإضافة إلى التحسن الكبير في البنية التحتية والخدمات على استقرار السكان وزيادة النمو. كما شهدت جماعة انزالت لعظم نمواً بإضافة 4,797 نسمة، وكذلك سيدي بوعثمان التي سجلت زيادة بـ 3,309 نسمة، مما يعكس وجود عوامل جذب محلية قوية تعزز استقطاب السكان.
من ناحية أخرى، شهدت بعض الجماعات استقرارًا نسبيًا، حيث زاد عدد السكان بشكل طفيف في جماعات مثل أولاد حسون حمري وسيدي علي البراحلة، بزيادات تراوحت بين 100 و130 نسمة. يعكس هذا الاستقرار التوازن بين النمو السكاني المتواضع والموارد المتاحة محليًا،
في المقابل، عانت بعض الجماعات من تراجع سكاني ملحوظ، خاصة في جماعات سيدي عبد الله وسيدي غانم اللتين شهدتا انخفاضًا بمقدار 1,034 و2,060 نسمة على التوالي. ويرتبط هذا التراجع بشكل أساسي بظاهرة الهجرة الداخلية، حيث يغادر السكان بحثًا عن فرص عمل أفضل وبيئة معيشية أكثر ملاءمة في المناطق الأكثر ازدهارًا داخل الإقليم أو خارجه. هذه الظاهرة تعكس تحديات تنموية تتطلب استجابة فاعلة لخلق بيئة اقتصادية مشجعة واستقرار سكاني في هذه المناطق.
تكشف هذه التحولات الديموغرافية عن ضرورة تدخل السلطات المحلية والمنتخبة لتعزيز البنية التحتية والخدمات العامة في الجماعات التي تشهد نموًا سكانيًا متزايدًا، بهدف دعم استدامة هذا النمو وتقليل الضغط على الموارد. في المقابل، تتطلب الجماعات التي تعاني من تراجع سكاني استثمارات تنموية تسهم في خلق فرص عمل ودعم المشاريع المحلية، بهدف تحفيز استقرار السكان ودعم المجتمع المحلي.
وتؤكد هذه المعطيات أهمية وضع استراتيجية تنموية شاملة تسعى لتحقيق التنمية المتوازنة بين مختلف الجماعات القروية، مع التركيز على تعزيز جودة الحياة لسكان الإقليم وتوفير فرص اقتصادية عادلة. هذه الاستراتيجية يمكن أن تسهم في تعزيز جاذبية الجماعات القروية كوحدات اقتصادية واجتماعية مستدامة، مما يدعم استقرار السكان ويوفر بيئة مشجعة للتنمية الشاملة في الإقليم.