“التعليم كحق مقدس: نقاش علمي وقانوني في قلب ملتقى روابط الرحامنة”
فور تنمية
في إطار النسخة الثالثة من ملتقى روابط الرحامنة، احتضنت مدينة بنجرير صباح الجمعة 29 نونبر 2024 يومًا دراسيًا تحت شعار: “الحماية القانونية والقضائية لحق الطفل في التعليم”.نظم بشراكة بين المحكمة الابتدائية ببنجرير، وعمالة الرحامنة، وجامعة القاضي عياض، وأكاديمية التربية والتكوين بجهة مراكش آسفي، وجمعية الرحامنة للتراث الشعبي،
تميزت هذه الفعالية التي احتضنتها مؤسسة “ستار غيت” بحضور نخبة من الأكاديميين، رجال القانون، والمختصين في التعليم وحقوق الطفل، إلى جانب فاعلين ومهتمين من مختلف المدن المغربية. سلط الحدث الضوء على قضايا محورية تتعلق بالتعليم وحقوق الأطفال، مع التركيز على التحديات التي يفرضها الهدر المدرسي، لا سيما في إقليم الرحامنة.
استُهل اليوم الدراسي بكلمتين ترحيبيتين ألقيتا من قبل السيد حميد حراش، رئيس المحكمة الابتدائية ببنجرير، الذي أكد في كلمته على الأهمية البالغة التي يكتسيها التعليم كحق أساسي للأطفال، ودور القضاء في حماية هذا الحق وضمان استمراريته. من جهته، شدد السيد هشام بوصولة، وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية ببنجرير، على التزام النيابة العامة بتفعيل القوانين المتعلقة بحقوق الطفل في التعليم، مسلطًا الضوء على الجهود المبذولة لتعزيز الوعي المجتمعي بأهمية مكافحة الهدر المدرسي والزواج المبكر.
هذا اليوم الدراسي أداره باقتدار الدكتور عبد الكريم الطالب، عميد كلية العلوم القانونية والاقتصادية بجامعة القاضي عياض،
وخلال الجلسة الأولى التي حملت عنوان: “المرجعية الدولية والوطنية في ضمان حق الطفل في التعليم وتشخيص وضعية الهدر المدرسي”. ناقش الدكتور طارف زهير، المحامي وعضو المجلس الجهوي لحقوق الإنسان، الإطارين الدولي والوطني لضمان حق الطفل في التعليم، مشددًا على أهمية تحويل النصوص القانونية إلى آليات فعالة. أعقبه الأستاذ محمد الزاويت، الإمام والخطيب، الذي سلط الضوء على الأبعاد الروحية والقيمية للتعليم، مؤكدًا دور الأسرة والمجتمع في تشجيع الأطفال على التعلم وبناء مستقبلهم.
كما قدم الدكتور عبد الرحيم عنبي، أستاذ علم الاجتماع، تحليلًا شاملًا لظاهرة الهدر المدرسي في المغرب، مبرزًا الأسباب الاجتماعية والاقتصادية والثقافية التي تغذي هذه المشكلة، واقترح حلولًا مبتكرة ترتكز على تحسين البنية التحتية ودعم الإدماج الاجتماعي. أما الأستاذ مولاي أحمد الكريمي، المدير الجهوي للأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين بمراكش آسفي، فقد اختتم مداخلات الجلسة الأولى بمداخلة حول “الحق في ولوج التعليم ومحاربة الهدر المدرسي”. أشار فيها إلى المجهودات المبذولة من قبل الأكاديمية بشراكة مع مختلف الفاعلين، بهدف تقليص معدلات الهدر المدرسي وتحقيق العدالة التعليمية.
الجلسة الثانية من اليوم الدراسي ركزت على المبادرات المؤسساتية ودور المجتمع المدني في مواجهة الهدر المدرسي. استهلتها الأستاذة حياة زويزرة، نائبة وكيل الملك ورئيسة خلية التكفل بالنساء والأطفال ضحايا العنف، بمداخلة تناولت تدخل النيابة العامة لضمان حق الأطفال في التعليم، مشددة على أهمية مكافحة الزواج المبكر وعمالة الأطفال كجزء من هذه الجهود.
كما تطرقت الأستاذة مريم بلا، رئيسة قسم قضاء الأسرة، إلى العلاقة بين زواج القاصرات والهدر المدرسي، مبرزة التداعيات السلبية لهذه الظاهرة على تعليم ومستقبل الفتيات. بدورها، تناولت الأستاذة رشيدة بولرباح، المفتشة الإقليمية للحالة المدنية، أهمية تسجيل الأطفال في سجلات الحالة المدنية كشرط أساسي لضمان حقهم في التعليم، مؤكدة أن الهوية القانونية تشكل أساس التمتع بكافة الحقوق الأخرى.
واختتمت المداخلات بعرض من رئيس جمعية الرحامنة للخدمات الاجتماعية، الذي استعرض دور النقل المدرسي في تسهيل ولوج الأطفال إلى المؤسسات التعليمية، خاصة في المناطق القروية، مشيدًا بتجربة الجمعية في تقليص معاناة التلاميذ وضمان استمرارهم في الدراسة. كما شهدت الجلسة عرض شريط فيديو يوثق تجربة جمعية “كوكب المتعلمين”، التي قدمت نموذجًا متميزًا للمبادرات المجتمعية الناجحة في دعم التعليم ومكافحة الهدر المدرسي.
في ختام اليوم الدراسي، فتح باب النقاش أمام الحضور، مما أتاح تبادلًا مثمرًا للأفكار، قبل تلاوة التوصيات التي دعت إلى تعزيز الشراكات بين المؤسسات القانونية والتعليمية والمجتمع المدني، تحسين خدمات النقل المدرسي، وتكثيف حملات التوعية بمخاطر الزواج المبكر، إلى جانب تعزيز تسجيل الأطفال في الحالة المدنية لضمان حقهم في التعليم.
ويبقى هذا اليوم الدراسي نموذجًا للعمل التشاركي بين مختلف الأطراف، من اجل الإسهام في تقديم رؤية شاملة لتحديات التعليم وحقوق الطفل في إقليم الرحامنة، وتأكيدا على أهمية تضافر الجهود لضمان مستقبل مشرق للأجيال الصاعدة.