OCP

“ليس هناك أي حل يمكنه أن يجعلنا نتفادى الانهيار”. حوار مع جوليان وسنيطزا

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لفور  تنمية: ترجمة منير الحجوجي

 

“كل شيء سينهار. هذا ليس حدسا. انه واقع. كل المؤشرات، كل المنشورات العلمية، كل المعاينات تلتقي عند هذه النقطة: حضارتنا تسير نحو الانهيار الشامل. وماذا نفعل نحن؟ لا شيء. أو تقريبا لا شيء. بل هناك ما هو أسوأ: لا زلنا نعتقد أنه بإمكاننا حل الأزمات البيئية بنفس النسق الذي كان في أصل تفجرها”. هكذا يحذرنا الباحث الشاب جوليان وسنيطزا Wosnitza، في كتاب جميل هو لماذا سينهار كل شيء Pourquoi…. . المعاينة ليست جديدة. منذ بضع سنوات، أصبحت “الكولابسولوجيا” La collapsologie، أو علم انهيار حضارتنا الصناعية، أكثر فأكثر شعبية. أما بابلو سرفيني، المؤلف بالاشتراك مع رفائيل ستيفن لكتاب أساسي أخر هو كيف يمكن أن ينهار كل شيء Comment… ، فهو ليس بالبعيد عن نحت المفهوم. لكن هذه “الدعوة الى الفعل قبل فوات الأوان” تنجح مع ذلك في تحقيق معجزة تقديم رؤية جديدة حول مشاكل عالمنا.

سيدخل جوليان وسنيطزا المعترك السياسي مع حركة “معتصمون ليلا” Nuit debout سنة 2016. وعبر هذه الحركة سيكتشف هذا الحاصل على دبلوم في المالية والبنكي السابق النضالات الإيكولوجية على الأرض. سينخرط بعدها في المنظمة غير الحكومية “رعاة البحر” Sea Shepherd من أجل مهمات عدة، ما مكنه من بلورة وعي بالخطر الذي يحوم حول حضارتنا. في سن 24 سينشر اذن كتابه الأول لماذا سينهار كل شيء. انه كتاب مثير حول الكارثة الإيكولوجية التي بدأت تعلن عن نفسها، كتاب يحاول أن يقدم بعض الحلول المتواضعة. في هذا الحوار يتحدث جوليان عن هذا الذي يمكنه أن يقودنا الى الهاوية وما الذي بإمكاننا فعله لتفاديها.

سؤال: لم تكن منذورا – أنت المتوج بدبلوم في مجال المالية – لتكون مناضلا إيكولوجيا. كيف حصل هذا الانعطاف؟.
جوليان وسنيطزا: فعلا، فبعد أن درست الاقتصاد والمالية، انتبهت الى أن الأمر يتعلق بنسق فكري يسبح خارج الأرض. ان الاقتصاد كما هو مدرس في مدارس التجارة ليست له علاقة اطلاقا بالواقع، لسبب بسيط هو أنه لا يأخذ بعين الاعتبار محدودية الموارد: الكل يجري وراء النمو، في حين أن نموا لانهائيا في عالم منته شيء مستحيل.
سؤال: بالنسبة لك الانهيار أمر حتمي اذن، يمكننا فقط أن نخفف من “هول السقوط”، لماذا؟.

جواب: لأن كل مكونات حياتنا مترابطة فيما بينها بشكل مطلق، ولأن كل شيء يقف على توازن هش بشكل كبير جدا. اننا نوجد، في هذه اللحظة، عند بداية سلسلة من انهيارات خطيرة تتسارع بشكل غير مسبوق. الأمثلة متنوعة للغاية وتبدأ من ذوبان الجليد حتى استهلاكاتنا اليومية. أعترف أنه عندما فهمت أن كل الأشياء متداخلة فيما بينها فهمت في نفس الوقت أنه لا وجود لأي حل بإمكانه أن يجعلنا نتفادى الانهيار.
الا أن هناك مع ذلك أمورا يمكنها أن تحد من هول الانهيار: تطوير زراعة مستدامة، وقف استهلاك الحيوانات، إزالة التلوث من المحيطات…

سؤال: نحن نعلم، على الأقل منذ سنة 1970 مع التقرير حول حدود النمو الذي حرره نادي روما، بأن نمطنا في العيش هو نمط مخرب، ومع ذلك لا شيء تم فعله. لماذا لم يتم إتباع الوعي بأفعال ملموسة؟ هل النمو هو الديانة الجديدة لمجتمعنا؟.

جواب: لقد جعلت نسبة نمو تصل الى 3 في المئة استهلاكنا يتضاعف كل 23 سنة. وبشكل عام، وفقط منذ أن جئت الى هذه الدنيا، استهلكت البشرية من الموارد مرتين أكثر مما استهلكته طيلة تاريخها. المشكل أننا نعيش فوق كرة ضخمة وسط فراغ بارد اسمه الكون، المشكل أن هذه الكرة غير قابلة للتمدد.

لقد سبق لدونيلا ميدوز، محررة تقرير نادي روما سنة 1972، أن تنبأت بانهيار سيحدث في حدود سنة 2030، ولكن حساباتها مع الأسف، والتي تحين بشكل دوري، تصلح تقريبا تماما لوضعنا الحالي.
لماذا لم يتم القيام بأي شيء؟ لأنه يتوجب أن نقلص مستوى عيشنا نحن الغربيون ب 10 مرات، ولن يمكن أبدا انتخاب أي سياسي ببرنامج يكون هدفه أن نعيش كتيبيتيين أو كبهوتانيين (من منطقتي التبت وبهوتان في عمق الشرق الأسيوي – ويقصد جوليان في الحالتين نمط العيش العفيف. المترجم).

سؤال: المبادرات الفردية ليست هي الحل في نظرك. تشير أيضا الى الاحتباسات السياسية. من أين اذن سيأتي التغيير في نظرك؟.

جواب: بالنسبة لي التغيير لن يأتي. ببساطة. لم أعد أمن نفسي بالأوهام، وهذا منذ فترة بعيدة. حاولوا أن تقنعوا الأمريكيين بأن يقلصوا نمط عيشهم ب 15 مرة. انها نكتة.

لا يكون للمبادرات الفردية على المستوى اليومي أي معنى إلا عندما تكون منسقة، وهذا التنسيق هو ما لا نتوفر عليه: نحن نرى جيدا حجم الصعوبة وحجم الوقت اللازم لإنجاح تغيير العقليات، وهذا فقط في موضوع اللحوم.
كلنا نريد تغيير الكوكب، ولكننا لا نريد أن يقطع عنا الكهرباء، ولا أن نخضع للتموين، نريد اللحوم والسمك بشكل دائم. ومادامت الأمور تسير على ما يرام، فلن نقوم بأي شيء، لكن الانهيار سيكون مؤلما.

أما إذا كنا نريد حقا الوصول الى شيء إيجابي فان التغيير سيأتي من حركة “زاد” Zad (“المناطق التي يتوجب الدفاع عنها”، وهي حركة بيئية يسارية جذرية. المترجم)، ومن الزراعات المستدامة، ومن مبادرات ازالة التلوث من البحار. لكن الدولة لا تدعم أي من هذه المبادرات.

متى نبدأ؟

سؤال: مسألة التقدم التقني غائبة من كتابك. ألا تعتقد بأن تقنية “بسيطة”، مضيافة، حتى نستعيد تعبير فيليب بيهويكس، بإمكانها أن تلعب دورا مهما هنا؟.

جواب: لقد اعتدنا الاختباء وراء المبدأ الشهير “سنعثر يوما على شيء ما” لنبرر به عجزنا. وحتى وإن “عثرنا على شيء ما”، مثلا على اختراع تكنولوجي يسمح بالحد بشكل كبير من الانهيار، فسنحتاج الى وقت من أجل أن ننزله على الأرض، على مستوى يجب أن يكون كبيرا، وأيضا الى الكفاية الصناعية للتنفيذ، وخاصة الى الموارد الضرورية لإنتاجه.
كثيرا ما يحدثني الناس عن النووي باعتباره الحل لكل مشاكلنا. الأمر ليس كذلك اطلاقا. النووي لن يكون حلا الا لكونه يمدنا بالطاقة الكهربائية، ولا شيء أخر.

في هذا السياق، فان مقاربة تعتمد على تكنولوجيا بسيطة تبقى مقاربة أساسية: لنتعلم من الطبيعة ولنحاكيها، لنحفر في عقلنا عوض أن نحفر أبار بترول.

سؤال: منذ الخامس من ماي (2018) وفرنسا مدينة بيئيا تجاه الكوكب. في برنامجها لسنة 2017، اقترحت حركة “فرنسا الأبية” La France insoumise “قاعدة خضراء” تمنع من أن نقتطع من الأرض أكثر مما يمكنها انتاجه. كيف تقيم هذا الاجراء؟.

جواب: نعم، انه اجراء ممتاز جدا على الورق. على الأرض الأمر مستحيل التطبيق ان لم نخفض من مستوى عيشنا عبر اجراء لن يقبله الفرنسيون أبدا.

ثم أي مرجع سنعتمده هنا؟ مساحة فرنسا؟ ليس لنا لا البترول، ولا الغاز، ولا الفحم، أي كل تلك الطاقات التي كان بإمكاننا أن نوقف كل نشاط له علاقة بها.

وفي حالة اعتماد العالم كمرجع، هل كان بإمكان هذا القرار أن يضع الجميع عند مستويات عيش أقل بكثير من المستويات الحالية؟ وماذا عن المرجع الزمني؟ أي مرجع زمني كان بإمكاننا اعتباره؟ “ما كان بإمكان الأرض أن تقدم” بطبيعة الحال، ولكن متى؟ سنة 1900، كانت الأرض قادرة على أن تنتج من العوالق النباتية أكثر بكثير مما تنتجه اليوم، في الوقت الذي أبدنا فيه 99,6 في المئة من الحيتان الزرقاء. في السابق، كانت أعداد الحيوانات المتوحشة وخصوصا الأسماك أكثر بكثير جدا مما هي عليه اليوم، أي أنها كانت تتوالد أسرع بكثير مما تفعل حاليا.

كان لحركة “فرنسا الأبية” البرنامج البيئي الأكثر طموحا، لكنه للأسف برنامج بعيد عن الواقع. لنقل بأن هذا البرنامج كان أقل غباء مقارنة ببرامج أخرى لا تصلح من الناحية البيئية.

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.