في حوار مع الروائي والمحلل جون سول:… “هل بالإمكان تخليق الرأسمالية؟” ..
فور تنمية: ترجمة منير الحجوجي
يعتقد جون سول J. Saul بأنه حان الوقت لإعادة التفكير في النموذج الاقتصادي الغربي في أفق تخليقه، كما يومن بأنه يتوجب على الغرب القيام “بثورة اجتماعية رأسمالية”.
يفكر هذا المحلل والروائي الذي سبق لمجلة “تايمز/Times” أن نعتته “بالنبي” ومنذ فترة طويلة في المشاكل الأخلاقية التي تطرحها الرأسمالية. في كتابه الأخير: موت العولمة يعلن عن فشل العولمة ويقدم تصوره للمصير الاقتصادي للكوكب.
سؤال: في العالم الذي نعيش في كنفه، هل يمكن لشركة متعدية الجنسيات أن تتبنى سلوكا أخلاقيا؟..
جون سول: لقد فكرت في الأمر كثيرا، وهذا مشكل حقيقي. إن شركة متعدية الجنسيات ليست لا أخلاقية، ولا اتيقية، إن هدفها هو الإنتاج والبيع والربح. المطلوب، على العكس من ذلك، هو أن يكون العمال والمواطنون أشخاصا أخلاقيين. لذلك، يجب أن نحسم في كون حقوق المواطنين هي أهم بكثير من الحقوق التجارية. المشكل اليوم هو أن الحقوق التجارية تعلو على حقوق الناس.
سؤال: كيف يمكن دفع الشركات والمساهمين فيها إلى تبني سلوكيات أخلاقية؟..
جواب: إن ما ينقصنا هو نقاش عمومي واسع حول حقوق المواطنين في علاقتها بحقوق الشركات. لايمكن أن نكسب مواجهة على المستوى الدولي إذا لم نميز بين الاجتماعي والتجاري. بإمكان الشركات أيضا أن تقوم بعمليات مربحة مع احترامها لحقوق الإنسان.
سؤال: في برمانيا يشار بأصابع الاتهام لشركة البترول طوطال بسبب استثماراتها هناك. البعض يعتقد أن عليها الانسحاب من البلد، والبعض الآخر، كالرئيس الفرنسي ساركوزي (نحن هنا في العقد الأول من القرن. المترجم)، يرى بأن عليها البقاء حتى تحافظ على موقعها. ما هو رأيكم في هذه القضية؟..
جواب: يجب على طوطال أن تغادر برمانيا لأن هذا البلد هو من الحالات المستعصية النادرة. لايمكن أن نأمل أي شيء مع وجود الجنرالات. يجب وقف التجارة مع هذا البلد وإقناع الصين والهند وطايلاندا بالقيام بالشيء نفسه.
مشكل طوطال يوجد في البلدان حيث يوجد مالكو الشركة. على مسيري صناديق الادخار أن يضغطوا على مسيري الشركة حتى تنسحب من البلد.
سؤال: ما هو رأيكم إذن في حالة الصين، التي تعتبر جنة بالنسبة للمستثمرين – تماما كبرمانيا – لكنها لا تحترم حقوق الإنسان؟..
جواب: حالة الصين أكثر تعقيدا من الدكتاتوريات العادية، كبرمانيا. هناك إمكانيات حقيقية لتطوير الوضع في هذا البلد. وسنكون “غربيين” جدا إذا ما قلنا بأننا نريد لهذا البلد أن يتطور ليصبح مثل مجتمعاتنا. هناك أشياء مهمة يجب القيام بها في الصين. لايجب أن ننسى أن هناك حساسيات، اتجاهات متعارضة داخل النظام. الصين بلد يرغب في أن يتم احترامه على المستوى الدولي، لكنه يعرف مشاكل في الحرية وفي حقوق الإنسان. الصين حالة معقدة. ويمكن لأولمبياد بكين (لسنة 2012. المترجم) أن تشكل انعطافا في مسار هذا المجتمع الذي يرغب في الانفتاح على العالم.
سؤال: ما رأيكم في نضال مالكي الأسهم؟..
جواب: لم لا. هذا شيء ربما يزعج مسيري الشركات، ولكن لايهم. في العمق، من الأهم من الآخر: الشخص الذي يشتري الأسهم من السوق أم المسير الذي يحصل عليها مجانا؟..
سؤال: كيف يمكن أن نجعل الشركات متعدية الجنسية شركات “أخلاقية”؟..
جواب: عندما ننظر إلى المسألة، فإننا نقع للتو على مشكل اجتماعي عميق. كيف يمكن الاستماع إلينا بجدية؟ إني أحاول العثور على الاستراتيجيات الصالحة. أعتقد أنه يتوجب تغيير النقاش. وهذا المشكل الاجتماعي (أخلاق الشركة) لا علاقة له بالأرباح ولكن بطريقة تمثلنا للمجتمع. مثلا، ألاحظ أن طلبة شعبة التسيير داخل الجامعات لايتعلمون نماذج اقتصادية صالحة، إذ يتم توجيه كل شيء نحو الربحي، نحو النفعي.
سؤال: ماذا تقترحون؟..
جواب: لم نقم بأية ثورة رأسمالية منذ مئة سنة، منذ أن غيرت الطايلورية (نسبة إلى شارل طايلور، منظر السلاسل الانتاجية.. المترجم) تنظيم العمل. من المهم أن نقوم بثورة أخرى. عندما كتب طايلور كتابه المنهج، كان معدل العمر في الغرب هو 50 سنة. إن الزيادة في معدل العمر هي ثورة القرن العشرين، أما الآن فان الأمور تفرض تثوير طريقة تنظيمنا للسوق. إننا نحيى داخل اقتصاد ينتج الفائض منذ خمسين سنة، وهو ما يستدعي إعادة التفكير في الأمور. عادة، داخل سوق حقيقية، يجب أن يباع زوج من حذاء نايك بدولارين، والهواتف بأربع دولارات (لنلاحظ كيف أن سول يغيب هنا التفكير الايكولوجي. المترجم).
سؤال: كيف يمكن تحقيق هذه الثورة؟..
جواب: علينا أن نتوصل إلى تغيير في العقليات على مستوى الحياة اليومية وندفع في اتجاه النظر إلى العالم بشكل أخلاقي. منذ خمس سنوات، من كان قادرا على التنبؤ بتراجع استعمال الحفاضات البلاستيكية؟ في حالة الشركات التي تستثمر داخل برمانيا، فإن المساهمين قادرون، من خلال صناديق الادخار الكبرى، على إحداث التغيير.