بورتريه.. “خالد مصباح: من النشاط الجمعوي والسياسي إلى العمل المؤسساتي، مسيرة حافلة بالعطاء والتغيير”
فور تنمية: خالد سلامة
خالد مصباح هو أحد الوجوه الفاعلة في العمل الجمعوي والسياسي بإقليم الرحامنة، وُلد في أسرة مناضلة وتربى في بيئة مشبعة بقيم التضامن والنضال الاجتماعي، ما جعله يتشرب مبادئ العمل الجماعي منذ سن مبكرة. تأثر خالد بشكل خاص بأخيه الأكبر عباس مصباح، الذي كان قياديًا بارزًا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب والجمعية المغربية لتربية الشبيبة، مما فتح أمامه آفاقاً واسعة للنشاط الجمعوي والفكري.
بدأ خالد مشواره في العمل الجمعوي سنة 1983، حينما انخرط في الجمعية المغربية لتربية الشبيبة فرع مراكش، التي كانت تُعنى بتربية الشباب على قيم المواطنة والانخراط في القضايا المجتمعية. كانت هذه التجربة الأولى بمثابة البوابة التي دخل منها خالد إلى عالم النضال الجمعوي، حيث استفاد من التدريب والتأطير الذي وفرته الجمعية لأعضائها، واكتسب مفاهيم تنظيمية وقيم تطوعية ستعزز من التزامه المستقبلي.
بعد انتقاله إلى مدينة ابن جرير في سنة 1988، واجه تحديات جديدة تتعلق بالبنية التحتية المجتمعية والفراغ الجمعوي في المدينة. كانت ابن جرير في ذلك الوقت تعاني من غياب واضح للأنشطة الثقافية والاجتماعية، ما دفع خالد للبحث عن وسائل لتنشيط الحركة الجمعوية بالمدينة.
في سنة 1991، أصبح خالد مصباح رئيسًا للجمعية الوحيدة آنذاك في ابن جرير، التي كانت تجمع بين إسماعيل معروف، عزوز لعروصي، وبنداود توفيق. تميزت فترة رئاسته بتطوير الأنشطة الشبابية والاجتماعية، مع التركيز على تحفيز الشباب على الانخراط في الفعل المدني والمساهمة في تطوير مجتمعهم.
لم يتوقف خالد عند هذا الحد، فقد كان له دور ريادي في تأسيس جمعية حركة التويزة بابن جرير، التي كانت بمبادرة من الدكتور عبد الجليل معروف.
وهي الجمعية التي لعبت دورًا محوريًا في تعزيز العمل المدني في المنطقة، حيث نجحت في الاستمرار والصمود أمام مختلف التحديات التي واجهتها. تدرج خالد في مناصب مختلفة داخلها إلى أن أصبح رئيسًا لها، وكان مسؤولاً عن توجيه العمل الجماعي وتوسيع قاعدة الأنشطة التي تقوم بها
لم يكن العمل الجمعوي وحده كافيًا لخالد مصباح، بل كان متأثرًا أيضًا بالحركة الحقوقية في المغرب. انضم إلى الجمعية المغربية لحقوق الإنسان سنة 1991، حيث كان فرع ابن جرير تابعًا لفرع قلعة السراغنة. عمل بجانب قادة يساريين بارزين مثل المرحوم البشير البخاري، محمد آيت عبد الله (أو المختار محمد الحنفي) وآخرين، وساهم في تأسيس فعل حقوقي في إقليم الرحامنة الذي كان آنذاك يعاني من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان. ولعب دورًا أساسيًا في تأسيس العديد من الديناميات الحقوقية بالمدينة، مثل التنسيقيات التي تعنى بمكافحة غلاء الأسعار والدفاع عن القضايا القومية، بما في ذلك دعم فلسطين والعراق.
كما كان له دور فعال في لجنة دعم الخطة الوطنية لإدماج المرأة في التنمية، وساهم في تعزيز الحقوق النسائية من خلال الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. انخرط أيضًا في العمل الحقوقي على مستوى الجهة، حيث شغل عضوية المكتب الجهوي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان لمراكش آسفي.
كان لخالد مصباح انتماء سياسي واضح منذ شبابه، حيث التحق بحزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي في ابن جرير سنة 1990. تحمل مسؤوليات متعددة في الحزب، وشارك في جميع مؤتمراته منذ 1993 حتى مؤتمر 2012. خلال هذه الفترة، خاض خالد العديد من المعارك النضالية الكبرى، خاصة في فترة التسعينيات التي شهدت تحولات سياسية واقتصادية كبرى في المغرب. كما كان له دور كبير في حركة 20 فبراير، حيث ساهم في تنظيم وتنسيق التظاهرات والفعاليات التي شهدتها الحركة محليًا ووطنياً.
في سنة 2012، شهدت مسيرة خالد تحولًا جديدًا حينما انتقل من العمل النضالي والجمعوي إلى العمل المؤسساتي. بناءً على طلب السيد فريد شوراق، عامل إقليم الرحامنة آنذاك، أسس خالد جمعية شروق لإدماج النساء في وضعية صعبة. كما تمت المناداة عليه من طرف الدكتور مصطفى لعريصة للانضمام إلى اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان مراكش آسفي، وهي هيئة تابعة للمجلس الوطني لحقوق الإنسان، ما أتاح له العمل على تعزيز حقوق الإنسان من داخل مؤسسة رسمية.
إلى جانب اهتمامه بالعمل الاجتماعي والثقافي، لم يغفل خالد أهمية الرياضة كجزء من التنمية المجتمعية. وتحمل مسؤوليات متعددة داخل نادي شباب ابن جرير لكرة القدم، حيث ساهم في تنظيم وإدارة الأنشطة الرياضية للنادي.
وختاما يظل خالد مصباح نموذجًا حيًا للشخصية المتفانية في خدمة مجتمعها. من خلال مسيرته الحافلة بالإنجازات، سواء على المستوى الجمعوي أو السياسي أو الحقوقي، أثبت خالد أن العمل من أجل الصالح العام يتطلب التزامًا طويل الأمد واستعدادًا لمواجهة التحديات والصعوبات. يجسد خالد مصباح روح النضال والصمود في وجه كل التحديات.