OCP

بورتريه.. الدكتور مولان إبن الرحامنة الذي خلد إسمه في الفضاء : كويكب باسم يوسف مولان”

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور تنمية : خالد سلامة

 

يوسف مولان، الباحث في علوم الفضاء والفلك، هو قصة تجمع بين شغف العلم والإصرار على النجاح. وُلد  بدوار أولاد سي بوقفة بجماعة سكورة الحدرة في إقليم الرحامنة، حيث ترعرع وسط بيئة بسيطة ومتواضعة، إلا أن أفقه كان دائمًا أكبر من حدود القرية. بدأ مسيرته التعليمية بهدوء، حيث نهل من العلوم الأساسية في المدارس المحلية. لكن شغفه بالفيزياء والفلك كان ينبض في قلبه منذ صغره، متطلعًا إلى اكتشاف أسرار الكون الممتدة بعيدًا عن عينيه الصغيرتين.

النشأة والبدايات: جذور متواضعة وأحلام كبيرة

انتقاله إلى  الصخور الرحامنة لاستكمال دراسته الثانوية كان بداية تحول هام في حياته. حصل على شهادة البكالوريا في العلوم الفيزيائية في عام 2010، وهي الخطوة الأولى نحو حلمه الكبير. في جامعة القاضي عياض، لم يكن يوسف مجرد طالب يسعى للحصول على شهادة، بل كان مستكشفًا للفضاء، يختبر الفكرة تلو الأخرى ويغوص في أعماق الفيزياء الفلكية.

التحصيل العلمي: من الصخور الرحامنة إلى عوالم الفيزياء

في عام 2013، حصل على إجازة في الفيزياء، ثم تابع دراسته للحصول على درجة الماجستير في الفيزياء وعلوم الفلك سنة 2015، حيث كانت رسالته تدور حول رصد الأجرام السماوية. من خلال عمله في المرصد الفلكي أوكايمدن وتعاونه مع جامعة لييج، بدأ رحلة جديدة مع الأجرام الصغيرة في النظام الشمسي. كانت المذنبات والكويكبات هي أدواته لفهم تاريخ الكون وتكوين مجموعتنا الشمسية.

بداية الشغف بالفلك: اكتشاف الأجرام السماوية من أوكايمدن إلى لييج

في عام 2016، بدأ أطروحته للدكتوراه بتعاون بين جامعته الأم في مراكش وجامعة لييج البلجيكية، حيث درس بعمق الخصائص الفيزيائية والكيميائية للمذنبات. لم تكن رحلة يوسف خالية من التحديات، لكنه كان يرى كل عقبة كفرصة جديدة للتعلم.

التحديات والإنجازات: إقامات علمية واكتشافات بارزة

في عام 2017، حصل على إقامة علمية في جامعة لوهافر بفرنسا، حيث تعمق في دراسة تصادم الإلكترونات مع الأيونات الجزيئية. كما أسهم في اكتشافات علمية بارزة، مثل اكتشاف جزيئات غاز السيانوجين (CN) في مذنب قادم من خارج النظام الشمسي، في سابقة علمية تعتبر قفزة نوعية.

الاعتراف العالمي: تسمية الكويكب “33903” باسم يوسف مولان

مع انتقاله إلى الولايات المتحدة كباحث في جامعة أوبورن، واصل يوسف نشر أبحاثه والمشاركة في الفعاليات العلمية الدولية. في عام 2023، حصل على تكريم استثنائي عندما قرر الاتحاد العالمي لعلماء الفلك تسمية الكويكب “33903” باسمه، تكريمًا لإسهاماته في دراسة الأجسام الصغيرة في النظام الشمسي.

العودة إلى الجذور: بين الإقليم والجامعة

شهد يوسف مؤخرًا منعطفًا جديدًا في مسيرته المهنية عندما عاد إلى إقليم الرحامنة، موطنه الأصلي، بعد سنوات من البحث والعمل في الخارج. هذه العودة لم تكن مجرد رجوع إلى الجذور، بل كانت خطوة جديدة نحو تعزيز العلم في المغرب، حيث انضم إلى فريق جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية في مدينة بنجرير، وهي إحدى المؤسسات الرائدة في البحث العلمي والتطوير في المملكة.
عودته إلى إقليم الرحامنة، حيث نشأ وترعرع، جاءت محملة بالرغبة في رد الجميل للمجتمع الذي نشأ فيه. بانضمامه إلى جامعة محمد السادس متعددة التخصصات التقنية، أصبح جزءًا من فريق بحثي متميز يسعى لتطوير العلوم التطبيقية في المغرب. هذه الجامعة التي تُعتبر واحدة من المؤسسات الأكاديمية البارزة في المنطقة، توفر ليوسف بيئة علمية متقدمة تساعده في مواصلة أبحاثه في الفضاء والفلك، مع التركيز على الخصائص الفيزيائية والكيميائية للأجرام الصغيرة في النظام الشمسي.

تعزيز البحث العلمي في المغرب

من خلال دوره الجديد في معهد الفيزياء التطبيقية بجامعة محمد السادس، يساهم يوسف في قيادة مشاريع بحثية متقدمة، تشمل دراسة المذنبات والكويكبات، وتعميق فهم تكوين النظام الشمسي. انضمامه إلى هذه المؤسسة يعزز من مكانة المغرب في مجال البحث العلمي الدولي، خاصة في مجالات علوم الفضاء والفلك. كما يُعتبر انضمامه فرصة للطلاب المغاربة للتعلم من أحد العلماء الذين حققوا إنجازات دولية بارزة، والاستفادة من خبرته الواسعة في هذا المجال.

الربط بين التعليم والبحث والتوعية

إلى جانب عمله البحثي، لا يزال يوسف مولان محافظًا على شغفه بالتوعية والتعليم. يسعى من خلال انخراطه في جامعة محمد السادس إلى تنظيم ورشات عمل ومحاضرات علمية تهدف إلى إشراك الطلاب والشباب المغربي في عالم الفلك، بالإضافة إلى تعزيز اهتمام المجتمع العام بالعلوم. من خلال هذه الأنشطة، يعمل على ربط التعليم الأكاديمي مع التوعية المجتمعية، ليكون العلم جزءًا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية، متيحًا لهم الفرصة لاستكشاف أسرار الكون.

وخلاصة القول، يمثل يوسف مولان نموذجًا مشرفًا لشاب مغربي تحدى الظروف، ليتألق في مجال علوم الفلك على المستوى العالمي. من خلال أبحاثه المتميزة وتكريمه بتسمية كويكب باسمه، يجسد قصة شغف وعزيمة، ويواصل إسهاماته في تعزيز البحث العلمي في المغرب، مع الاهتمام بتوعية الشباب ونشر المعرفة العلمية في مجتمعه.

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.