OCP

بورتريه: الباحث “عبد الخالق مساعد: نبّاش الذاكرة ومؤرخ القبائل”

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور تنمية: خالد سلامة

عبد الخالق مساعد، شخصية مهووسة  بمجال البحث  والتوثيق الثقافي، معروف  بشغفه الكبير بتاريخ وتراث قبائل بني حسان، لا سيما فرع البرابيش الذي كان محورًا رئيسيًا في معظم أبحاثه. أمضى حياته المهنية في مجال التعليم، حيث ساهم بشكل فعّال في تكوين أجيال من الطلاب، لكنه لم يتوقف عند هذا الحد. بعد تقاعده، ازداد التزامه بالبحث العلمي والتوثيق التاريخي.

من أبرز ما يميز عبد الخالق مساعد هو قدرته الفائقة على الربط بين التاريخ والتراث من منظور اجتماعي وثقافي، فهو لا يقتصر في دراساته على الوقائع التاريخية، بل يسعى إلى فهم السياقات الاجتماعية والاقتصادية التي أثرت في هذه القبائل، وكيف ساهمت تلك التغيرات في تشكيل هوية مناطق بأكملها. لقد نجح من خلال كتبه في تقديم صورة شاملة ودقيقة عن تحركات قبائل بني حسان بين شمال المغرب والصحراء الكبرى، مُظهرًا التشابك العميق بين الحواضر والمدن الصحراوية، ودور هذه القبائل في تشكيل النسيج الاجتماعي والثقافي للمنطقة.

الأستاذ عبد الخالق مساعد، رغم كونه أستاذًا متقاعدًا، إلا أن شغفه بالبحث والتأليف لم يتوقف. فقد أصدر عدة مؤلفات تركز على التراث والتاريخ، ومنها كتابه المهم عن التراث الحساني المشترك بين بني حسان في الصحراء وبني حسان في الحوز. في هذا الكتاب، يسعى مساعد إلى تسليط الضوء على الروابط التاريخية والثقافية بين هاتين المجموعتين، موضحًا كيف أن الهوية المشتركة، المبنية على الأصول الحسانية، تمتد عبر مناطق مختلفة رغم الحدود الجغرافية.

كتاب آخر بارز له هو “البرابيش بنو حسان: من شمال مراكش إلى شمال مالي”. في هذا العمل، يستعرض مساعد تاريخ قبيلة البرابيش من أصولها الحسانية في شمال مراكش وصولاً إلى تحركاتها وتواجدها الحالي في شمال مالي. يتناول الكتاب التحولات الاجتماعية والسياسية التي مروا بها، وكيف شكلت هذه التحولات جزءًا من الهوية التاريخية والثقافية لهذه القبيلة العريقة. يعكس الكتاب جهدًا بحثيًا عميقًا لفهم ودراسة ديناميات الانتقال والترحال عبر الزمن، ويعد مرجعًا مهمًا لفهم الترابط بين المجتمعات القبلية في شمال إفريقيا.

هذان الكتابان يمثلان إسهامات قيمة من الأستاذ مساعد في توثيق وتفسير التراث والتاريخ المحلي، وهما يقدمان رؤى ثاقبة عن مجتمعات بني حسان وتراثهم المشترك، مما يسهم في الحفاظ على هذا التراث وتقديمه للأجيال القادمة.

عبد الخالق مساعد هو مثال حي للباحث الملتزم، الذي لا يتوقف عن النبش في جذور التاريخ، ويظل عاشقًا لتربة وطنه وتراثه. سيظل اسمه مرتبطًا بكل من يسعى لفهم قبيلة الرحامنة و القبائل الصحراوية وتاريخها الغني، وستبقى أعماله مرجعًا هامًا للأجيال القادمة.

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.