OCP

بورتريه : الأديب الفنان “عبد الغفور خوى: تجليات الروح في النصوص والألوان”

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

فور تنمية: خالد سلامة

عبد الغفور خوى، أديب وتشكيلي مغربي، يقف عند حدود الكلمات والألوان كفنان يلتقط نبض الحياة ويعيد صياغته في لوحات ونصوص نابضة بالروح. وُلد في جماعة سيدي عبد الله بالرحامنة، عام 1969، حيث شكلت الطبيعة المحيطة به وحياة القرية البسيطة ملهمًا أساسيًا في تطور إحساسه العميق بالإنسانية وبجماليات الحياة.

خوى  ليس كاتبًا تقليديًا ولا فنانًا نمطيًا. هو شخص ينسج الكلمات كما ينسج اللوحات؛ يخلق عوالمه الخاصة بفرشاة قلمه، ويرسم أفكاره العميقة بنبضات اللون. في مجموعاته القصصية ورواياته، مثل “قبل الجنون بقليل” و”الطيور تغني كي لا تموت”، يضع الإنسان في قلب القصة؛ إنسان تتصارع فيه المشاعر وتنساب معه التأملات إلى فضاءات من الحكمة والحزن والجمال.

من خلال أعماله الأدبية مثل “سنوقد ماتبقى من قناديل” و*”عندما تغادر العصافير أقفاصها”*, نكتشف شغفه بالتفاصيل الدقيقة للحياة، حيث يجد في كل موقف قصة تنتظر أن تُروى، وكل مشهد صورة تستحق أن تُرسم. كلماته تمثل همسات تنساب بين السطور، تنقل القارئ إلى أعمق زوايا النفس البشرية، وتتركه أمام مرآة يرى فيها ذاته بشكل جديد. في الوقت ذاته، تتسم نصوصه ببُعد فلسفي وتأملي، حيث يحاور فيها الحياة والموت، الحزن والفرح، والبحث المستمر عن الحقيقة.

وفي الجانب الآخر من إبداعه، يعبر عبد الغفور عن رؤاه في اللوحات التشكيلية، التي تبدو وكأنها امتداد لقصصه. فرشاته لا تخطئ أبدًا في تحويل الفكرة المجردة إلى صورة مليئة بالتفاصيل والألوان. في كل لوحة، نرى مشاعر مختلطة تنساب مثل طيف من الألوان، وتظهر فيها تجليات الفكر الإنساني العميق. ليست لوحاته مجرد صور جميلة، بل هي انعكاس للوجود ولرحلة الإنسان المستمرة نحو المعرفة والحرية.

عبد الغفور خوى ليس مجرد كاتب وفنان، بل هو أيضًا مؤرخ للحظات. من خلال كتاباته، يسجل تجارب عابرة تمثل حياة البشر، محاولًا توثيق ما قد يُنسى بمرور الزمن. في دراسته “دعائم التاريخ”,التي  تمثل دراسة عميقة وفلسفية في فلسفة التاريخ، حيث يُبرز خوى  الأسس التي ترتكز عليها المعرفة التاريخية. منطلقا  من فكرة أن التاريخ ليس مجرد سرد للأحداث، بل هو عملية فكرية تتداخل فيها المعارف وتتناقض مع الحقائق المطلقة.

عبد الغفور يحرص على المشاركة الفعالة في الحياة الثقافية والفنية بالمغرب، من خلال حضور الملتقيات الأدبية والفنية،  والمشاركة في النقاشات التي تعنى بقضايا الأدب والفن. هذا النشاط يجعله شخصية مؤثرة في مجتمعه، حيث يسهم في تحفيز النقاشات حول القضايا الأدبية والثقافية ويشجع على الإبداع بين الشباب.

تجمع أعمال عبد الغفور خوى بين الوعي الاجتماعي، والعمق الفلسفي، والجمالية الفنية، مما يجعل تجربته الفنية والأدبية نموذجًا يُحتذى به في عالم الإبداع. إنه يحقق توازنًا رائعًا بين التفاعل مع البيئة المحيطة به والتعبير عن الذات، ليقدم لنا أعمالًا تبقى محفورة في الذاكرة، تدعونا دائمًا للتفكير والتأمل في معاني الحياة والجمال.

 

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.