رحلة المواسم لرما العونات بدكالة وانتقال احتفالاتهم الربيعية إلى تراب الرحامنة…
فور تنمية. ذ عبد الخالق مساعيد
رما العونات لهم مواسم ربيعية وصيفية وخريفية خلاف رما الرحامنة ..
رما العونات بدكالة كانت تتجاوز احتفالاتهم إلى تراب الرحامنة…
تراب جماعة سيدي غانم كان يستقبل موسما ربيعيا لرما دكالة، وينطلق منه موسم ثان للصيد صيفا .
تعود نشاة الرما الرماة أو لمكاحلية إلى الاب الروحي لهم وهو سيدي علي بناصر ،وقد برزت حركة الرما بتأكيد من السلطان محمد الشيخ السعدي المتوفى سنة 1622 ، وهذه الحركة لم تكن مبنية على الممارسة الدينية فقط ، وإنما على حملات الصيد والقنص والحركات والحروب .
وينتسب رما العونات جنوب دكالة إلى ايت رباع الجعفرية من قبيلة تادلة ، وبفرض الحماية على المغرب فان هذه الفئة من الرما ، ستنضبط لقرارات حماية الوحيش وقانون الصيد، ولم تعد تمارس هواية القنص بحرية كما تعودت ذلك .
وإذا كانت فرقة الرما في الرحامنة لا تنشط الا في فصل الصيف بعد انتهاء موسم الحصاد والدراس ،فتطوف على الدواوير مقدمة الفرجة، او تشارك بخيمتها خيمة الرما في المواسم. فان فرقة رما العونات تبدأ موسمها سيدي محمد العوني بسيدي بنور في شهر مارس الربيعي ، ويبدأ الموسم بزيارة شيخ الرما و المقدمين ل (الروضة) المقبرة الجعفرية وبقراءة الفاتحة على أرواح الأجداد .
وقد تحدث شارل ديلماريس وهو ترجمان رئيسي بمازغان أثناء الحماية، عن هذه الاحتفالات والمواسم التي كان يقيمها رما العونات في مجلة انتروبولوجيا .
فعند انطلاقة الموسم ، يقسم شيخ الرما والمقدمون على المحافظة على العفة و الطهارة ، والامتناع عن اقتراب النساء،طيلة مدة الموسم ،وذلك تنسكا وتقربا لقبول الدعاء .وبعد ذلك ينطلقون إلى موسم سيدي امحمد العوني، محاطين باعبيدات الرما الذين يعتبرون مريدين وخداما للشيخ والمقدم .
ثم تتحرك معهم القبيلة بما فيها من ضاربي الطبول والحكواتيين والموسيقيين والمغنين وكل الفرق الفنية وانواع التسلية .
ويبدأ الموسم بذبح الشيخ لعدة اكباش أو عجل،ثم يشرعون في الصلوات والأدعية ،متجهين إلى الله ومتوسلين بسيدي امحمد العوني في أن تكون السنة ماطرة خصبة ، وان يثمر الحب في السنابل.
ويقام على هامش الموسم سوق يباع فيه السكر والشاي والتوابل والشموع والخبز وباعة الاسفنج و اللحم والشواء .
بعد المغرب يقوم شيخ الرما والمقدمين بإقامة (كور الرما) في فضاء واسع يسمح للكل بالمشاهدة والفرجة ، فيشرع اعبيدات الرما في أداء اغانيهم ورقصاتهم التي تتحدث عن تاريخ القنص والحرب، وبعد كل فترة يتقدم الشيخ ليأخذ الهدايا من الناس داعيا لهم بالبركة .
يرجع احتفال رما العونات بالموسم الربيعي إلى بركة جدهم سيدي امبارك لغريب العوني ،والذي كان يعيش وسط الطبيعة ويتماهى معها ،فمن كراماته كما ورد في الرواية الشفهية الشعبية ،أن محلة للسلطان حطت بالمكان الذي يعيش فيه قرب خلوته،فامر السلطان عناصر جيشه بالاحتطاب ،فمكان من سيدي امبارك الا ان وقف بباب المعسكر تتبعه لبؤة على ظهرها عدة حزم من الحطب مشدودة ومربوطة بالافاعي والثعابين ،فلما رأى السلطان هذا المنظر ضجر منه وأمر بابعاد هذا الرجل المزعج .
تراجع الرجل بكل تواضع، وفي الليلة الموالية هجمت أسراب من الناموس على المحلة السلطانية ،وقطعان من الثيران البرية الوحشية التي هدمت الخيام بقرونها وشتت المحلة ،فاسرع السلطان والجيش الى الرحيل إلى بلاد الشاوية، ولم يقفوا الا عندما وصلوا قبيلة أولاد اسعيد بمنطقة تسمى (هنينا) باولاد عزوز ، وكان ذلك سبب تسميتها اي ( تهنينا وسلمنا ) ولازالت هذه المنطقة تحمل هذا الاسم إلى اليوم.
اما سبب احتفال رما العونات بالمواسم الربيعية فيعود إلى اعتقادهم أن جدهم سيدي امبارك العوني مات ودفن في خلوته، التي لم تكن مفروشة الا بالتبن والقش ،وبعد موته بزمن قليل، خيمت سحابة داكنة وانتشر ضباب كثيف لمدة أيام، ثم هبت ريح قوية محملة بروائح جميع ازهار الربيع، ففرقت هذا الضباب والسحاب ، ولذلك يحتفل الرما بموسم الربيع.
لكن ما يثير الانتباه هو أن رما العونات يقيمون موسما ربيعيا بمزارات سيدي غانم قبيلة الرحامنة فخذة أولاد عبو، وذلك طلبا للخصب والصابة ، كما يقيمون موسما آخر خريفيا يشارك فيه قواسم دكالة المعروفون بالصيد بالصقور ، فيبدؤون هذا الموسم برحلة صيد في سيدي غانم ،بدءا من ضريح سيدي اسعيد اقنوش بالمحاذاة من حدود الرحامنة ودكالة.
كما ان رما العونات بالإضافة إلى مواسهم الربيعية بمناسبة اثمار الزرع، فقد كانوا يقيمون موسما مع ظهور البواكير الأولى للعنب كما يقيمون موسما آخر في الخريف عند بداية الاستعدادات الأولى للحرث .
مجلة انتروبولوجيا الصادرة سنة 1936 عدد 1-3 يناير مارس السنة الرابعة