علماء من الرحامنة: العلامة الفقيه سيدي محمد بلعلام الناصري البربوشي الحساني ابن العلام
فور تنمية: ذ عبد الخالق مساعيد
(بلعلام نسبة إلى أبيه بلعلام المجاهد البربوشي المقدام الذائذ عن قبيلته المتقدم لحركاتها، الرافع من شانها والقاهر لخصومها وأعدائها).
ولد سيدي محمد بلعلام بأولاد ناصرالبرابيش بني حسان التابع إداريا لجماعة المحرة ، ولج مدرسة بن يوسف بمراكش واستكمل دراسته بها، وشد الرحال إلى سوس العالمة، وكرع من مناهلها، وغرف من علوم شيوخها وعلمائها. واستقر بتيزنيت ودرس بها في المدرسة الإسلامية بين مجموعة من المدرسين والمدرسات الفرنسيين. وافق قدومه إلى تيزنيت تولي الباشا احمد الرحماني البر بوشي الملقب “بجوج كلمات” لصرامته وحزمه .
كان الباشا يشغل منصب الضابط العسكري المسير لشؤون المدينة وما حولها من مداشر زمن الحماية ،ولما انتسب الفقيه إلى الباشا وتعرف إليه، اخذ بيده ودعمه و قربه منه مع ثلة من العلماء، وأصبح أثيرا لديه ومن مجالسيه. اشتهرالفقيه بلعلام ، بأدبه وشعره وغزارة علمه, وإتقانه لحفظ كتاب الله ،وإلمامه الواسع بالمسائل الفقهية.
يقول فيه ابنه الرضي سيدي أحمد رشيد العلامي:
“هو الفقيه الألمعي والأديب الأصمعي ، ملكة ندية، وذاكرة قوية،وبديهة لا تفتر ولا تنضب ،في خفة معشر ودعابة،وإلمام واسع بالمسائل الفقهية”
دخل سيدي محمد بلعلام القصر الخليفي ،وجالس الخليفة السلطاني صنو محمد الخامس مولاي الحسن بن يوسف ، الذي عينه وكيلا للغياب بالمحكمة بتيزيت ونواحيها، لما كان يتميز به نزاهة وأمانة, وضبطه وإحاطة بإشكاليات المواريث .
زاوج بين عمله في المحكمة وتطوعه في التدريس بالمدرسة الإسلامية، إلى جانب مجموعة من المدرسين والمدرسات الفرنسيين.ولما اشتد أوار الحركة الوطنية ،أصبح الفرنسيون يتضايقون من مواقف الوطنيين، ومنهم الفقيه العلامة سيدي محمد بلعلام ، وأصبحوا يتوجسون من كل الرموز والإيحاءات التي تبين اعتزازهم بوطنيتهم. اذ لم يكتف زعماء الحركة الوطنية بنشر الوعي الوطني لمقاومة الفكر الاستعماري وسياسته فقط ، بل قاموا أيضا بتبني مجموعة من الرموز والمظاهر للتعبير عن التشبث بالهوية السياسية والوطنية،ومنها اللباس الوطني الذي تبناه السلطان محمد الخامس : الجلباب والطربوش أو البذلة العصرية والطربوش.
وكان إقدام السلطان على هذه الخطوة ، إظهارا لتحالفه السياسي مع زعماء الحركة الوطنية في محاربتهم لمختلف أشكال الاستعمار، بما فيها أشكال الهندام الأوروبي، الذي فرضته سلطات الحماية في كل دواليب الدولة والإدارات التي تم خلقها من طرفها.
أثار الطربوش الوطني الذي وضعه الفقيه على رأسه ، حنق الفرنسيين عليه ، فقد كانوا يعتبرون أن كل من لبس طربوشا وطنيا فهو محسوب على الحركة الوطنية والمقاومة،ولذلك يجب اخذ مسافة من الحيطة والحذر منه.
جرت حادثة الطربوش هذه مع إسدال اللحية ، عدة متاعب على الفقيه سيدي محمد بلعلام ، لدرجة أن السلطات الاستعمارية رفضت تسليمه وثائقه التبوثية والتعريفية باسم بلعلام ، لما بين العلم والراية واسمه من اقتران في المعنى، فكان أن اقترح الفقيه رحمه الله بنباهته المعهودة ،حلا وهو إضافة ياء النسب إلى الاسم فأصبح (العلامي).
عاد إلى مسقط رأسه بالبرابيش أولاد ناصر المحرة سنة 1952 ، واشتغل مدرسا في المدرسة القرآنية والابتدائية بأولاد ناصر البرابيش بني حسان .ومن تلاميذه الذين درسوا على يديه في هذه الفترة المرحوم الحسين الكوميري،
عمل بشؤون العدالة والتوثيق، واكتسب شهرة واسعة في القبيلة ، ومكانة خاصة بين العدول ، عند أبناء قبيلته والرحامنة ككل ، حيث كانوا يهرعون إليه في حل قضاياهم، وما أشكل عليهم من أمور دينهم ودنياهم ، لأنه رحمه الله كان مرجعا في الفتوى والنوازل الفقهية .
خلف الفقيه العلامة سيدي محمد بلعلام بعده ،أسرة طيبة من رجال العلم والتعليم،والفكروالادب والشعر والفن،والعمل التطوعي والجمعوي في مجالات شتى خيريةو ثقافية وفنية .
واذكر منهم الأساتذة الكبار: سيدي أحمد رشيد العلامي ،والأستاذ الجامعي سلمان طارق العلامي، والأستاذة سلوى العلامي.