OCP

جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر. 1 – سجن مدينة الشماعية. ( الحلقة 14 )

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لفور تنمية.ذ الباحث مصطفى حمزة

الحل الثاني
هو التخلي عن مشروع السقي، والعمل على تغيير مجرى وادي كشكاط، وهو ما يستفاد من كلام أحد الفرنسيين السيد مارتان “M. Martin “: « لبناء القرية الفوسفاطية في المكان الذي تتواجد به اليوم، كان لابد من تغيير مجرى وادي كشكاط وذلك بتشييد سد صغير».
وهكذا سيعمل الفرنسيون على بناء سد صغير الحجم بالمجرى الأول للوادي بالقرب من ( حي الصهريج ) والذي كان يمر من وسط المجال الذي تتواجد به الحاضرة الفوسفاطية، فقد كان يمر بالقرب من مقبرة النصارى، ثم الكنيسة، ويتجه نحو نادي المستخدمين، ثم يعبر مخرج السكة الحديدية الرمل (حاليا)، ليصب في المكان الذي يتواجد به اليوم حي الرمل (التقدم )، وحي العرصة، (السمارة)، وغابة ” العروگ “، وهذا ما يؤكده تواجد أسماء لها علاقة بالمجرى الأصلي للوادي ( حي العرصة ، وحي الرمل).
وعند بناء السد تم تحويل مجرى الوادي في اتجاه الجزء الجنوبي للمدينة، الذي كان آنذاك فارغا من السكان، وتم حفر مجرى له بمواصفات علمية وعالية، تراعي الوضعية الطبوغرافية وحدة الانحدار، وبذلك أصبحت مياه الوادي في الفترات الكثيرة الأمطار تتجه صوب (حي الراية)، حي السلام حاليا، و(حي الريطب) () ودوار الفواشخ.
ورغم قوة انحدار الوادي والتي تنطلق من أعلى نقطة ارتفاع 408 م عند منبع الوادي، إلى أخفض نقطة ارتفاع 284 م عند المصب (حي الريطب، وغابة العروگ)، فلم يتسبب “وادي كشكاط ” في كوارث طبيعية للسكان ولمجاله الجغرافي في تلك الفترة وذلك للعوامل التالية:
– كون المجرى الذي شيده الفرنسيون بمواصفات علمية دقيقة، ظل محافظا على نظافته وخاليا من النفايات والأتربة، بفعل العناية التي كان يحظى بها من طرف المسؤولين.
– كون ضفتي المجرى الجديد كانتا فارغتين من البنايات.
– ويبدو أن الثقافة التي كان متشبعا بها الإنسان المغربي آنذاك، ويعمل وفقها أثناء عمليات التشييد والبناء، هي ثقافة تجد ترجمتها في اختيار الإنسان، للموقع الذي يشيد فيه سكنه، والتصاميم التي يضعها لهذا السكن، وهكذا نجد على مستوى المجال الجغرافي لبلاد أحمر ومن ضمنه مدينة اليوسفية آنذاك، أن كل الدواوير مشيدة في مناطق آمنة ومرتفعة ( إما فوق تل، أو بسفحه، أو هضبة…)، والدور والحجرات المكونة لهذه الدواوير تكون أبوابها في غالب الأحيان اتجاه الشرق لكي لا تسمح بتسرب مياه الأمطار داخل الغرف، أما الواجهة الخلفية للسكن التي تكون مقابلة لجهة تساقط الأمطار (عين الشتا)، فتكون محصنة عن طريق التبليط من طرف صاحب السكن.
يلاحظ أن هاذين العاملين، كان لهما دور أساس في عدم خروج النهر عن مجراه، ووقوع فيضانات وكوارث، وذلك رغم السنوات الممطرة التي عرفها المغرب خلال فترة الحماية الفرنسية ومنذ بداية الاستقلال إلى بداية الألفية الثالثة.
ومعلوم أن والد الفقير العربي كان من ضمن المغاربة الذين اشتغلوا مع الفرنسيين في وضع أساسات المدينة (الحاضرة الفوسفاطية ).
وعند بلوغ الفقير العربي حوالي 15 سنة، اشتغل مع أحد الفرنسيين، ولمعرفة صدقه وأمانته، كانت زوجة الفرنسي تضع له مبالغ مالية بأماكن مختلفة من البيت، فكان كلما عثر على مبلغ مالي سلمه للسيدة الفرنسية، آنذاك تأكد للأسرة الفرنسية صدقه وأمانته، فأصبح شخصا لا غنى عنه بالنسبة للأسرة.
ولذلك عندما سيبلغ من العمر ما بين 16 و18 سنة سيشغله الفرنسي معه في شركته التي كانت تشتغل في مد قنوات مياه الصرف الصحي، والماء الصالح للشرب للحاضرة الفوسفاطية.
ومع اندلاع الحرب العالمية الثانية وحاجة فرنسا للجيوش، تم تهجير الفرنسيين الذين كانوا بالمغرب إلى فرنسا وعوضوا بالفرنسيين معطوبي الحرب للعمل ب “لوي جانتي”، فأخبر الفرنسي الذي كان يشتغل معه الفقير العربي الفرنسي الذي عوضه بثقة الرجل وصدقه وطلب منع أن يشغله معه.
وبالفعل حظي الفقير العربي بثقة الفرنسي الجديد واشتغل معه، وعندما أراد هذا الفرنسي الهجرة لفرنسا باع للفقير العربي “كوتشي” ب 10 ريالات.

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.