OCP

جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر. 1 – سجن مدينة الشماعية. ( الحلقة 12 )

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لفور تنمية.ذ الباحث مصطفى حمزة

وهكذا غادر والد الفقير العربي سجن بو المهارز بمراكش، ليشد الرحال رفقة أسرته إلى منطقة أيت باعمران، وبعد مدة وجيزة ستضطرهم الظروف السائدة هناك إلى الهجرة لبلاد أحمر، حيث ستستقر أسرته بدوار المضافرة أحد الدواوير المكونة لجماعة السبيعات، وهنا سيتزوج ويخلف ابنه العربي.
ولد العربي بن محمد بن إبراهيم لوديكي سنة 1915م بدوار المضافرة ولما بلغ أشده بدأ يساعد والده في رعي الإبل والماشية ().
وخلال عملية الانتجاع التي كانت تتم بين منطقة الگنتور ودوار المضافرة، كان العربي شاهدا على الحياة التي كانت سائدة بالمدخل الشمالي لهضبة الگنتور بما فيها الموقع الحالي لمدينة اليوسفية والحاضرة الفوسفاطية ( ديور النصارى )، فحسب الفقير العربي فقد كانت ” هذه المنطقة مكسوة بأشجار السدرة، والطلح، ومختلف النباتات، والأعشاب البرية، كما كانت معروفة بكثرة الوحش، وبذلك شكلت مجالا للرعي والصيد ” ()، وعموما فكثافة الغطاء النباتي بالمنطقة، لها علاقة بمياه وادي كشكاط الذي كان يخترقها وهو في طريقه إلى مصبه الأصلي (حي الرمل) حاليا، قبل أن يغير الفرنسيون مجراه نحو (حي الريطب) في بداية الثلاثينيات من القرن الماضي ().
أما الحياة البشرية – فحسب روايات الفقير العربي – فقد كانت متمركزة بالدواوير التالية: ” الجبورات “، ” الفواشخ “، والزوايا التي تنطق المنطقة: زاوية حرمة الله، زاوية سدي أحمد مول الواد، زاوية النعيمي ” ().
وهكذا كانت تنقلات الطفل العربي رفقة والده يوميا، للمسار الرابط بين السفح الشمالي للهضبة ودوار المضافرة، تسمح لذاكرته بخزن العديد من الأحداث التي تخص تاريخ المنطقة والتحولات التي عرفتها مع دخول الحماية الفرنسية للمغرب.
ففي أحد الأيام وبينما كان عائدا رفقة والده من مرعى السفح الشمالي لهضبة الگنتور، وجدا بمنطقة ” الفوارع “، خيمة مبنية وبداخلها سرير للنوم وفانوس، وكتب وأدوات للتنقيب، وبالقرب منها رجلا فرنسيا رفقته بعض المخازنية.
وتأكد فيما بعد، أن مهمة الرجل الفرنسي، كانت هي التعرف على رواسب فوسفاط هضبة الگنتور، فقد كان الفرنسي – تبعا لرواية الفقير العربي – ينقب ويقوم بجمع عينات من التربة ويضعها في أكياس خاصة، ونظرا للمدة التي استغرقتها عملية البحث، فقد نسج الرجل الفرنسي علاقات مع سكان المنطقة، فسار يشتري منهم حاجياته من اللحوم والدجاج والبيض…
ومع مرور الوقت تحولت الخيمة إلى سكن عبارة عن بيت، مما يعكس طول المدة التي استغرقها الرجل الفرنسي بالمنطقة والتي ستختتم في أحد الأيام، بحضور سيارة تشتغل بالفحم الحجري لنقل كل الأكياس التي جمعها المكتشف الفرنسي وحملها إلى المختبر ().
الفترة التي كان الفقير العربي، يروي تفاصيلها بانتشاء على أبنائه، وهو يستحضر ما ظل عالقا بذاكرته منذ أيام الطفولة، هي الفترة التي تم فيها بالفعل التعرف على رواسب فوسفاط الگنتور من قبل عامل المناجم الرئيسي “نوگاريت Nogaret ” سنة 1929م ().
ومعلوم أن الفوسفاط بهضبة الگنتور كان معروفا منذ 1919م، وأن التعرف على رواسبه تم سنة 1929م على يد “نوگاريت Nogaret “، في حين أن الشروع في استغلاه تم سنة 1932م ().
وانطلاقا من أن إنتاج التعدين على نطاق واسع، غالبا ما يؤدي إلى ظهور واحد أو أكثر من التجمعات الحضرية التي تتميز بمرفولوجيتها وهياكلها داخل المدن ووظائفها الاجتماعية والإقليمية ()، فإن ميلاد مدينة ” لوي جانتي ” بالسفح الشمالي لهضبة الگنتور، كان هو الآخر نتيجة لبداية الشروع في استغلال واستخراج معدن الفوسفاط.
وهكذا سيتم تحويل المساحة الجغرافية التي كانت مخصصة للرعي والصيد، وترتيبها من أجل ضمان الإنتاج ومعالجته ونقل الخام، وهو ما يؤكده الفقير العربي بقوله: « وبعدما تم حمل الأكياس التي جمعها المكتشف الفرنسي إلى المختبر، وصلت إلى عين المكان عدة الشاحنات والسيارات وعلى متنها مجموعة من الفرنسيين والمغاربة، فقاموا بحرق الأشجار والنباتات التي كانت منتشرة هناك » (). ( يتبع )

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.