احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
لفور تنمية: ذ مصطفى حمزة
بعد حرق الأشجار والنباتات المختلفة التي كانت تغطي السفح الشمالي لهضبة الگنتور، والمجرى الأصلي لوادي كشكاط، كان لا بد من ترتيب هذا المجال، من أجل ضمان إنتاج معدن الفوسفاط، ومعالجته، ونقل الخام (). وهكذا فكر الفرنسيون في التخطيط لتهيئة مدينة منجمية بمواصفات عصرية تحمل اسم ” لوي جانتي “، تيمما بالمكتشف والجيولوجي الفرنسي ( Louis Gentil )، وشرع في تحديد مدارها الحضري، وبعد ذلك خضعت لتصميم التهيئة، وتحديد معالم المدينة الجديدة. وبعد المصادقة على تصميم التهيئة من طرف الجهات المختصة، والذي تضمن مجموعة من المواصفات التي تخص مدينة منجمية عصرية وحديثة نذكر منها: – المساحة الكلية للمدينة (40 هكتار)، والوحدات المكونة لها (القرية المنجمية والحي الخاص بالموظفين). – تحديد عرض الشوارع والأماكن والطرق، وعدد البنايات التي ستبنى على جوانب الجادات، وفي الأماكن العمومية. – الأزقة والأحياء السكنية والأماكن العمرانية التابعة للمدينة المنجمية ( سوق الأحد، مدينة الأحد…). وقبل الشروع في عملية البناء، كان لا بد من التفكير في إزالة الحاجز الطبيعي المتمثل في مجرى وادي كشكاط الذي كان يخترق المجال الجغرافي حيث تتواجد الحاضرة الفوسفاطية الآن. فقد تم الشروع في تهيئة مجال المدينة ابتداء من سنة 1931، وهي الفترة التي شرع فيها المكتب الشريف للفوسفاط في شراء الأراضي من السكان المحليين، كما تؤكد ذلك الرسائل الموجهة من المراقب المدني بالشماعية (Delorme )، إلى القائد العربي بلكوش قائد قيادة الزرة ونصف أولاد يوسف من 1918م إلى 1945م. وللإشارة فالعربي بلكوش قبل توليه قيادة الزرة، كان قد تم ثم اختياره – على عهد قائد أحمر سي محبوب -، قائدا ل ” حركة ” أهل أحمر المتجهة إلى تازة لمحاربة بوحمارة، إلى جانب القائد قاسم بلقاضي ()، ذلك أن ” حركة ” قائد أحمر سي محبوب هي من تمكنت من شل تحركات الفتان الجيلالي بوحمارة، وإلقاء القبض عليه، وتسليمه إلى السلطان مولاي عبد الحفيظ ()، عكس ما تتداوله بعض المراجع. ويبدو أن أهمية مياه “وادي كشكاط”، خلال هذه الفترة، كانت حاضرة بشكل قوي في أجندة المسؤولين الفرنسيين، وذلك لما للمياه من أهمية بالنسبة للإنسان، ولعملية البناء، وتنشيف الفوسفاط، وسقي الأشجار…، ومع ذلك كان لا بد من استحضار ما يمكن أن يترتب عن مياه “وادي كشكاط ” من كوارث أثناء الفيضانات، خاصة وأن الوادي كان يخترق مجال المدينة الفوسفاطية التي شرع الفرنسيون في تهيئتها، ومن هنا فكروا في حلين لتجاوز هذه المعضلة. الحل الأول: – تمثل في إقامة “مشروع سقي” على طول امتداد وادي ” كشكاط “، لتجاوز مشكل الفيضانات والكوارث المترتبة عنها بالنسبة لساكنة المدينة، فتم وضع تصميم للمشروع من طرف مكتب التصاميم التابع للمكتب الشريف للفوسفاط، وحددت مسافة امتداد المشروع من ملكية بن عطوش شرقا، إلى القرب من المقبرة الفرنسية غربا، وحددت المساحة المسقية في أكثر من 28 هكتار، إضافة إلى وضع لائحة جرد للملاك الذين سيستفيدون من مياه الوادي مع تحديد المساحة المخصصة لكل مستفيد، وحدد عدد المستفيدين حسب واضعي المشروع في 31 مستفيدا هم على التوالي: 1- عند بداية المشروع: ورثة سي محمد بن علي، وورثة سي أحمد بن الطاهر. 2 – عند وسط المشروع: حميدة بن الجيلالي، وورثة سي العربي بن الحسن. 3 – عند نهاية المشروع: ورثة الحسن بن أحمد، وورثة سيدي الحاج التهامي(). ويبدو أن تنفيذ هذا المشروع كان سيؤدي إلى ظهور نشاط زراعي سقوي عصري متطور، وسيساهم في تطور المنطقة، بما كان سيوفره من منتجات فلاحية عصرية تلبي حاجيات ساكنة المدينة ومحيطها الجغرافي، بالإضافة إلى مساهمته في الرفع من الإنتاج والزيادة في مداخيل الفلاحين. ( يتبع ).