احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
لفور تنمية. الباحث مصطفى حمزة
– اعتقال الوطني الفقيه عبد السلام المستاري ( أحد الموقعين على وثيقة المطالبة بالاستقلال )، والوطني محمد بن الطبيب، كان الهدف منه، الرد على الحفاوة التي استقبل بها الحمريون السلطان محمد الخامس، وهو ما أشار إليه أحد أفراد وفد أسفي: « كنت من بين الذين حفزهم الشوق ودفعهم الحب والولاء، إلى زيارة كشكاط يوم زيارة جلالة الملك لها، وذلك للنظر والتملي من رؤية جلالته، ومشاهدة شعب متلهف يلتف حول عاهله الكريم، ويظهر له من الإخلاص وما تكنه قلوب أفراده على اختلاف طبقاتهم »، و بخوص الحلة التي اتخذتها المدينة خلال الزيارة، أضاف نفس المتحدث: « ولفت نظري هذه الزينة وهذه الحلة التي لبستها المدينة، بمناسبة الزيارة الملكية الميمونة، وكأن الكل يشعر بأنه في يوم عيد ولا كالأعياد » ().
نجاح الزيارة الملكية والظروف الجيدة التي مرت فيها، وبطلان تكهنات الفرنسيين الذين كانوا لا يرغبون في أن تتم لمدينة كشكاط العمالية لاعتبارات أمنية حسب زعمهم، كل ذلك قادهم إلى تدبير مكائد لأعضاء الوفود المشاركة في الزيارة، إذ تم اعتقال أعضاء من وفد أسفي والحكم عليهم بالأشغال الشاقة، بما فيها تنظيف شوارع مدينة الشماعية طيلة الثلاثة أشهر المحكوم عليهم بها، وبالمقابل تم تلفيق تهمة دنيئة لرئيس وفد مراكش السيد محمد الحبيب بنموح وحكم عليه بمدة سنتين قضاها بسجن بو المهارز بمراكش ().
أما الأعضاء المنظمون للزيارة والمشرفون عليها ومنهم: القائد محمد بلكوش، وخليفته أخوه عبد الله بلكوش، وأحمد بن إبراهيم زغلول، وعبد الرحمان أگني، والأخوان مبارك بن خليفة زغلول و حسن بن خليفة زغلول، والفقير العربي، والمصدق زهير، الحاج أحمد سيف الدين، عمر المتوكي، وولد الفرض… ()، فصار يكيد لهم المكيدة تلوى الأخرى دون أن يتمكن منهم، وذلك لكون هؤلاء الوطنيين سواء بمدينة كشكاط، أو بالمركز العمالي سيدي أحمد، كانوا أكثر احتياطا بحكم التنظيم الذي كانوا خاضعين له والتوجيهات التي يتلقونها من وطنيي أسفي و مراكش.
ب – الفقير العربي لوديكي، أمين مال وطنيي مدينة كشكاط.
كل الروايات التي تتناول سيرة الرجل تشهد له بأن ” كان أمينا وصادقا ومعروفا بالورع والتقوى، وأنه كان يجيد طرق التخفي ” ()، فمن هو الوطني الفقير العربي؟، وكيف تم اختياره للأمانة؟.
ينتمي الفقير العربي إلى أسرة عرفت منذ بداية التوسع الفرنسي بمقاومتها للفرنسيين، ذلك أن والده محمد بن إبراهيم بن عمر بن ابريكة الدليمي لوديكي الوعراني، كانت أسرته من ضمن الأسر المكونة للجيش الذي زحف به أحمد الهيبة ابن الشيخ ماء العينين على مدينة مراكش، التي دخلها مزهوا بانتصاراته المتتالية، واستقراره بها إلى حين انهزام جيشه في معركة سيدي بو عثمان، بسبب خيانة كبار قواد الحوز، والأسلحة المتطورة للقوات الفرنسية بقيادة القائد ” مانجان “.
بعد انهزام أحمد الهيبة – الذي لرفض العمل بالاقتراح الذي قدمه له قائد جيشه حيدة اوميس – ()، اختارت أسرة والد الفقير العربي البقاء بالحوز، فالتحقت بأبناء عمومتها أولاد دليم المستقرين غرب مدينة مراكش، فكان استقرارها بدوار الزعواطة، حيث منحت لها أراضي شاسعة للزراعة والرعي ().
والأكيد أن فترة ما بعد معركة سيدي بو عثمان، عرفت تغييرا في الخريطة السياسية لمنطقة الحوز، ترتب عنها بروز زعامات محلية كان من أبرزهم باشا مدينة مراكش التهامي الگلاوي، فقد امتد نفوذه غربا إلى الحدود الشرقية لقبيلة عبدة، وطال تعسفه كل القبائل التي أصبحت تابعة له.
ومن بين أنواع التعسف فرضه ” التويزة ” على التابعين له، ومن ضمنهم أولاد دليم حيث كان يقيم والد الفقير العربي وأسرته، لكن أنفة الرجل وشموخه منعاه من تقديم هذه الخدمة للباشا، فكان مصيره الاعتقال والسجن ببوالمهارز لمدة ستة أشهر إلى أن تم العفو عنه من طرف الباشا ().
الصورة الأولى يمينا للوطني الفقير العربي لوديكي ،والثانية للوطني عبد السلام مجيد.