OCP

الباحث مصطفى حمزة يكتب..جوانب من التاريخ الراهن لبلاد أحمر. – سجن مدينة الشماعية. ( الحلقة 2 ).

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

لفور تنمية: الباحث مصطفى حمزة

 

فما هي دواعي تواجد هذا السجن بمدينة الشماعية؟

تؤكد مجموعة من الوثائق، أن قبيلة أحمر، رغم ما مورس عليها من تسلط من طرف القواد الذين تعاقبوا على تدبير شأنها وخاصة خلال القرن 19م، ومن تعسف وتضليل من طرف القائد عيسى بن عمر العبدي، والقواد الذين كانوا يسيرون في فلكه ()، فقد بقيت وفية لطابعها التمردي ضد كل أشكال التسلط والاستبداد، وهو ما يترجم مساندتها ودعمها للشيخ أحمد الهيبة في معركة سيدي بو عثمان، واستمرار بعض الفرق الحمرية التي ظلت محافظة على أسلحتها، في القيام باضطرابات داخلية مثال: الاعتداء على الأجانب المارين بأرض أحمر ().

ونتيجة لذلك، فقد اقتطعت قبيلة أحمر في سنة 1914م من دائرة دكالة عبدة المدنية، وأضيفت إلى ناحية مراكش العسكرية، وفي 1919م أقيم مكتب للمراقبة المدنية بالشماعية، وكان أول رئيس له ” دو تريبون ” الذي اتخذ من ” مدرسة الأمراء العلويين ” مقرا إداريا وأضاف إليها عدة تغييرات من أبرزها السجن، ومجموعة من الأقسام تتبع الإقلاع الاقتصادي بالمنطقة، كما أنشأ أول مكتب للاستعلامات ().

وهكذا يتبين أن سنة 1919م، كانت هي بداية انطلاق سجن الشماعية في مهامه …، ويكون المسؤول الفرنسي “دو تريبون” هو مؤسسه.

فكيف كان يقضي المغاربة عقوباتهم داخل هذا السجن؟.

تؤكد المصادر المعتمدة ()، أن باب سجن الشماعية، كان يوجد في الجهة الجنوبية الغربية لمدرسة الأمراء العلويين، المواجهة ل ” ساحة الشرفاء ” وأن ساحته كانت تتوسطها زيتونة، ولذلك عرف ب ” سيدي بو زيتونة “، بينما كانت الجهة الشمالية منه عبارة عن فضاء مغلق ومظلم، وهو الجزء الذي كان مخصصا لمبيت السجناء.

وهكذا كان السجناء، يقضون الليل في هذا الفضاء المظلم والمغلق، في ظروف جد سيئة تتمثل في انعدام الأغطية، ورداءة الوجبات الغذائية التي كانت في غالبها مكونة من خبز من الشعير وماء، بينما كانوا يقضون النهار في أشغال شاقة ودون مقابل مادي.

فقد كان السجناء مقسمون إلى مجموعات، كل مجموعة تقوم بإنجاز عمل محدد حسب حاجيات الفرنسيين، وكان يشرف على كل مجموعة ” مخازنية “، مهمتهم مراقبة وضبط المساجين ومعاقبتهم في حالة التمرد والاحتجاج…()، ومن الأشغال الشاقة التي كان يقوم بها المساجين المغاربة:

– اقتلاع وتقطيع الأحجار من مقلع خاص ونقلها إلى أماكن البناء، وهو عمل شاق ومتعب، بالنظر لكميات الأحجار التي كانت تتطلبها أوراش البناء – وخاصة في السنوات الأولى لاستقرار المراقبين المدنيين الأوائل – وظروف التغذية بالسجن.

– المشاركة في بناء وتشييد المرافق الإدارية، والوظيفية، والرياضية، والترفيهية، ودور الفرنسيين …().

– غرس الأشجار، وهي عملية صعبة، بما كانت تتطلبه من جهد عضلي، يتمثل في عملية حفر الأرض، ثم غرس الأشجار، وبعد ذلك جلب المياه لسقيها …().

– تنظيف أزقة وشوارع المدينة، فقد كان الفرنسيون يحرسون على أن تظل المدينة نظيفة، لكونها تشكل معبرا أساسيا بين مراكش وأسفي والشمال والجنوب …().

– تنظيف المرابط، وتقديم العلف والتبن للماشية، فقد كانت الخيول والبغال والحمير والجمال، أهم الوسائل المستعملة في التنقل وحمل البضائع من طرف الفرنسيين والمغاربة في هذه الفترة، ولذلك كانت تحظى بهذه العناية الخاصة.

– الاشتغال في دور الفرنسيين، وهذه الفئة من المساجين كان يتم انتقاؤها بعناية، وغالبا ما كان يتم انتقاؤهم ممن لهم دراية بفن طبخ، وإلمام بغرس النباتات وتشذيب الأشجار، وعناية بتربية الأطفال الصغار، واهتمام بتنظيف البيوت…().

وقد كانت كل هذه الأعمال تتم تحت مراقبة وتتبع ” مخازنية “، وكان كل إخلال بهذه الأعمال، يعرض السجين إلى ضرب مبرح ومضاعفة عقوبته، كما كانوا مجبرين على رفع أيديهم تحية للمراقب المدني وغيره من المسؤولين الفرنسيين، وكل احتجاج يعرضهم للحرمان من التغذية.

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.