د. أيت الزين يكتب : “أيخمان” وابن جرير…إنها الأوامر فقط!(1) بواسطة هيئة التحرير في 13 أغسطس, 2021 0 شارك FacebookTwitterWhatsAppالبريد الإلكترونيLinkedinTelegramطباعة احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن. الاشتراك لفور تنمية : عبد الواحد ايت الزين باحِث في الفلسفَة حاصِل علَى دكتُوراه في مختبَر الفلْسفَة والشّأن العام، بجامعَة الحسَن الثانِي، كلّية بنمسيك، الدّار البيضَاء. نَصٌّ وقَصٌّ… رُبّ وَاقعَة يَوميّة (عَابرَة) تَقُودُك إلَى مُمَارسَةِ عادَةٍ هَجَرْتَهَا أيّاماً وبضْع ليَالٍ: إنّها عادَةُ الحكْيِ كتابَةً. ربّ الواقعَة هيَ، وهيَ تَسْتدعيكَ إلى حضرَة التّفْكير فيمَا ظلّ محْسوباً –لاسيّما في الأنظمَة المعلُومَة: المجهُولَة الهويّة- علَى: “المَمْنُوع التّفكير” فيه. ***** وَصلْتَ مَسْكَنكَ حيْث السّكُون والسّكينَة. دَلَفَت قَدمَاك ساحبَة إيّاك من وجَعِ يوْم طَويلٍ؛ شَوّشَ فيه الكلامُ عَن “الأوَامر” و”المسَاطِر” صفَاء ذهْنكَ. بيتُك عالمُك الفَسيحُ حينَ يُضيّقُ عَليْك أربَاب المسَاطر والأوَامِر حَقّك فِي الحركَة والجَوَلاَن. لاَ نكفّ عن الانتمَاء إلى بيُوتنَا إلاّ حين تتحوّلُ إلى مجرّد “منازِل”، أو بتَعْبِير أكثَر دقّة حينَ تصير “المنَازلُ” نُزلاً: السّاكنُون فيهِ مُغتربُون عَن بيوتهِم. يكفّ العالَم بدَورِه أن يكُونَ منّا وفينَا حيَن تَستوِلي عليه “الأَوامِر” و”المسَاطِر” فتحرمُنا من حقّنا في مختلَف مرافقِه ومساكنِه. بدَأ العالَم غريباً، ورجَع -كما بدَأ-غريباً، وسينْتهي (ربّما) غريباً، ولَتَسْتكْثِرُ علَى نَفسِك -معَ ذلكِ- أن تُتابِع مع نبيّك الأكْرَم قَوْلَه: طُوبى للغربَاء ! فمَا عادَ ثمّة كثيرُ بشَر يُصلِح، حيْث يُفْسِد (ويَفْسُد) غيرُه، أو على الأقلّ هكذَا خلْتَ و(ربّما) تخالُ… “دُشّ” دافئ، يَسْمُو بكَ إلَى مُثُول كامِل أمَام نفْسِكَ طاهراً من ضَجيج “اليَوْم” ولغْو صُدفِه (أقدارُه). من عَجيبِ الكلاَم أن يكُون لـ “الدشّ” صلَة رحِم بـ “اللّغْو”؛ فَـ “دَشّ الكلاَم” لغَا فيه، ولكنّه “الدشّ” نفسُه يرقَى بكَ ليُحرّرَك من “لَغْو الخَميس” (قبْل قُدوم جُمُعَة مُلتهبَة)، ويعيدَكَ إلى نفْسِك حيْث إقامَتك وسُكْناكَ. هناكَ حيثُ أنْت الآن صِرْتَ عالمَك، بعْد أن صُيّر “العالَم” قَفَصاً مُسيّجاً بـ “نقَط نهايَة” لا حركَة بعْدهَا إلاّ بـ “إذْن” مصادَق عليْه. و”أقوَاس تشْديدٍ” مُنتشرَة هُنا وهُناك، تنظُر فيهَا بِأسَى، وتأسَف لـلنّهايَة. فجأَة ظهَر كأنَّ الإنسَان باتَ أثمَن ما في العالَم، فألزَمَتْه الحكُومَات بيْته حفظاً لحياتِه وصحّته، فَطوبَى للمُستقبَل الآتِي من بَعِيد بقَصَصِ عَصْر الأُعْجوبَات هذا! بدا لكَ ذلكَ كذلكَ، أَو عَلَى الأقلّ هكذا خلْتَ و(ربّما) تخَالُ… يكُون اللّغو في الكلاَم حيثمَا انتفَت فائدتُه، وغابَ نفعُه. يكُون اللّغو في “الأوامِر” -و”المَنْهيّات”- حيثُما ضعفَت حجّتها، ورسبَت في اختبَار تسويغِ نفسِها حتّى من لدُن القيّم على إنْفَاذِها. لا يعُودُ أمامَها من سَنَد تَتّكئ عليْه سوىَ أنّهَا “أَوامِر” و”مسَاطِر” وكفَى !هَمْهَمْتَ بـ “الأمْر” أو كِدْت قبْل أنْ توقِظَك “شرطَة الكلاَم” النّاعسَة فيكَ لتذكّرَك بأنْ: قُل سَمْعاً أو اصْمُت. قَد لا تكُون “الشدّة” بهذَا السّوء، لكِن علَى الأقلّ هكذَا خلْتَ و(ربّما) تخَالُ… ***** أيخمَان لَم يُشنَق! أيخمَان خالِدٌ فينَا، لازَالَت أوامرُه نافذَة في الزّمَن. يدُوم آيخمَان مُستغلاًّ هشَاشَة الشّأن البشريّ. إنّها “الأوَامِر”: حَيثُما صفعَتْكَ العبَارَة فثمّة أيخمَان. لَم يشعُر أيخمَان بأنه مذنِب أبداً، لأنّه كان مُجرّد منفّذ “أوامِر” لا غيْر، ولمّا زلزلَت الأرْض زلزالَها (هولوكُوسـت، أوشفيتز وغيرُهمَا كَثير)، شعَر أيخمَان أنه كان يؤدّي واجبَه فقَط، وليْس مسؤولاً عمّا وقَع. من شدّة ما كانَ عاديّاً كانَ تافهاً وسطحيّاً (أرنْت، “آيخمَان في القُدْس: تفاهَة الشرّ”، 1961). لا حقّ للمأمُور في مناقشَة “الأمْر”؛ ولَو كانَت النّتيجَة كارثَة: لنقُل مثلاً زلزالاً اجتماعيّاً أو سياسياً، أو حمماً بركانيّة اقْتصاديّة أو صحّيةً: الجوهريّ في حالاَت أيخمَان: إنفَاذُ الأوَامِر. لَم يعُد أيخمَان مُجرّد “مُجرِم” أعدِمَ، بَل أضْحَى “شخصيّة مفهوميّة” خلّدَت معنَى أن ينبَثِق “الشرّ” حينمَا نَعزِف (نزْهَدُ فِي…) عَن التفكير والسّؤال ونَعكف على التنفيذ والائتمَار. الجوهريّ عنْدنَا في الفكْر الفلسفيّ المعاصِر: سُؤَل المسؤوليّة والعدالَة بيْن السياسيّ والجنائيّ في “حالَات أيخمَان”. إنْ تَسْأَلُوا عن أشيَاء تُبَد لكُمُ تسُؤكُم. كانَت المناقشَة أحَايينَ كثيرَة مَفسدَة “الإيمَان”. آيخمَان دوماً ضحيّة “فرمَان تسلّط” لَم يَبلُغ رشْدَ السّلطَة بعْدُ، لقَد صَار كما هيَ حالُه لأنّه ما فكّر ولا سَأَلَ ولا تدبّر. نطّت الفكرَة في ذهْنكَ، والميّاهُ تسحبُكَ عميقاً فيكَ، مُتفسّحَةً في مَسَامِّكَ، طاردَة آثَار “لغْو اليَوْم” منْكَ. لا شُرُوع في “صلوَات التفكِير” إلاّ بِوُضُوءٍ روحيّ كَامِل. قَد لا تكُونُ رُوحُ الإنسَان سوَى جسَده وفكرهُ؛ وهما وحيٌ فِيكَ من ربّكَ، فعليْك بحفظ أمانَة اللّه التي أوْدعَها فيكَ بالوضُوء المتجدّد فكراً وجسداً. (لهُ ما يَلِيه…) 0 شارك FacebookTwitterWhatsAppالبريد الإلكترونيLinkedinTelegramطباعة