وعن تفاصيل بداية حكايته مع التدريب، يقول الشاب المغربي لموقع “سكاي نيوز عربية’: “قدمت إلى مدينة بن جرير من إحدى القرى المجاورة لإتمام دراستي في الثانوي، إلا أنه وبسبب عدم قدرتي على تغطية مصاريفي اليومية وعدم توفري على كرسي متحرك كهربائي وحبي الكبير لكرة القدم، غادرت مقاعد الدراسة ووهبت نفسي لأطفال أبناء الحي حيث كنت أقيم، وشكلت فريقي الأول عام 2010”.

نجاح بعد عناء

وبعد مرور حوالي 3 سنوات مع فريقه، تأكد الوردي من قدراته الرياضية وتمكن من اكتساب خبرة في فن التعامل مع الأطفال وكيفية اكتساب ثقتهم، لينتقل إلى تدريب فريق أحياء آخر يدعى “ب.س.أ”. ومع هذا الفريق تمكن من المشاركة في دوريات محلية وإقليمية.

ويضيف “في عام 2017، شاركت في دوري أبطال الأحياء بعد عدة مراحل إقصائية وحصلت على لقب أحسن فريق في الموسم ولقب شخصية السنة في إقليم الرحامنة. وبعد هذا الفوز، ازدادت شعبية فريق “ب.س.أ”، وأصبح يضم أكثر من 100 طفل، موزعون إلى فرق حسب الفئة العمرية التي ينتمون إليها، كما أصبح مصدرا للاعبي الفريق الممثل لمدينة بن جرير، هذا بالإضافة إلى انتقال لاعب تمرن على يدي لمدة أربع سنوات إلى المنتخب الوطني أقل من 15 سنة”.

وتابع: “حب الأطفال وثقة الأهل هما سر الطاقة التي تدفع عبد الخالق إلى بذل مجهود أكبر والبحث عن كل مستجد في كرة القدم رغم قلة الإمكانيات”.

وقال: “أحاول دائما توجيه النصيحة للأطفال حتى يتمكنوا من تنظيم وقتهم والجمع بين الدراسة والرياضة، وأربيهم على الانضباط الذي يعتبر الركيزة الأساسية في عملي، كما أمنح تدريبات فردية للأطفال الموهوبين لصقل موهبتهم”.

بريق أمل

اجتهاد وكفاح وصل صداه إلى رئيس نادي رجاء بن جرير، إبراهيم النصراتي الذي قرر التواصل مع هذا المدرب بداية عام 2021، ومنحه فرصة تدريب صغار الفريق والمشاركة في بطولة عصبة الجنوب – مراكش.

وفي هذا الشأن، يوضح رئيس النادي في تصريحه لموقع سكاي نيوز عربية، أن أهم ما دفعهم إلى اللجوء إلى خدمات عبد الخالق هو النجاح الذي حققه مع أطفال المدينة رغم بساطة الإمكانيات.

“كنت أرى الوردي يدرب في ملاعب الأحياء والحدائق والغابات، لم يكن يحصل على أي مقابل مادي، لكنه كان صادقا في عمله ومتحديا عظيما ومحبا للأطفال الذين صنع منهم لاعبين، انتقل الكثير منهم إلى فرق دون أن يستفيد هو من أي امتيازات. هذه السنة، قرر مكتب الفريق الاعتماد على موهبته في تأطير فريق الناشئين ليصبح لديه مدخول قار ويصنع اسما في كرة القدم المغربية، كما سنسعى مستقبلا إلى حصوله على شهادات في المجال تشهد على موهبته في التدريب”.

من جانب آخر، يؤكد رئيس فريق بن جرير أن الأخلاق الحميدة لهذا المدرب تنعكس بشكل إيجابي على الأطفال الذين يكنون له احتراما كبيرا وينضبطون في الملعب بشكل مثير للاهتمام. «عبد الخالق ليس مجرد مدرب، هو مربي يحث على المبادئ والأخلاق ويلجأ إليه الكثير من اللاعبين الصغار لتوجيههم سواء على الصعيد الشخصي أو الاحترافي. هو مثال يحتذى به ودليل على ضرورة منح ذوي الاحتياجات الخاصة فرصة لإظهار مواهبهم للمجتمع”.

المستحيل ممكن

رغم الصورة الطيبة التي رسمها عن أبناء أحياء مدينة بن جرير، لم يتلق عبد الخالق أي دعم مادي أو معنوي من مسؤولي المدينة طيلة مسيرة العشر سنوات، وحلمه اليوم هو أن يكون أكاديمية تقدم خدماتها بالمجان، خاصة بالأطفال الموهوبين في كرة القدم”.

حلم يراه مساعده عمر الوردي قريب المنال، ويقول في حديثه لموقع “سكاي نيوز عربية” إن “عبد الخالق يعاني في صمت، يرفض أخذ فلس واحد من أسر الأطفال، يدفع من جيبه الخاص في كثير من الأحيان ثمن التنقلات الخاصة بفريق “ب.س.أ”، ويشتري كل تجهيزات التدريب اليومي من كرات وغيرها، هدفه الوحيد هو خدمة الأطفال الذين يقاسمونه نفس الشغف بكرة القدم وإن كان على حساب صحته وماله”.