احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.
لفور تنمية: مومن عبد الرحيم
مع قرب كل استحقاق انتخابي ببلادنا، تشرع الأحزاب السياسية ومعها الدولة مجسدة في وزارة الداخلية في التحضير لهذا الاستحقاق الانتخابي، باعتباره عملية أساسية يعبر من خلالها المواطن عن طموحاته، رغباته ومتطلباته. مع كل ماتحمله هذه العملية الانتخابية من تجاذبات وصراعات حول القوانين والكيفية التي تحكم العملية الإنتخابية.
ولعل هذا ما يتضح مع إقتراب موعد الإنتخابات التشريعية والجهوية لسنة 2021. والذي انطلقت المشاورات بصددها التي تجريها الحكومة ممثلة في وزارة الداخلية مع الأحزاب السياسية الوطنية، هذه المشاورات أفرزت نقاشا مستفيضا وتجاذبا للآراء محوره اللائحة الوطنية للشباب بين المناداة بالإبقاء ومطلب الإلغاء.
هذه اللائحة جاءت وكما هو معروف في سياق وظرف خاص مع حركة 20 فبراير، أقر المجلس الدستوري في قراره الصادر في 15 ذي القعدة 1432 الموافق 13 أكتوبر2011 بدستورية هذه الكوطا استجابة للمطالب الشبابية للحراك الاجتماعي ومن باب كذلك أن الاستحقاقات التشريعية لسنوات 1997 و2002و 2007 عرفت من زاوية الهرم العمري للممثلين البرلمانيين غيابا شبه كلي للشباب، مما يجعل هذه الفئة في وضعية متدنية لا تفتح لها آفاق تتماشى مع قدراتها ودورها في المجتمع، لكن هذا الإقرار الدستوري جاء مقيدا ومحددا بعدم إضفاء صيغة الديمومة والاستمرار لهذه اللائحة التي فرضتها دواعي مرحلية ومؤقتة حيث يمكن إيقاف العمل بها بمجرد تحقيق الأهداف التي أدت إلى خلق هذه الآلية التي تتيح للشباب الثمتيل بكوطا داخل البرلمان، ولعل هذا ما أدى إلي إعادة طرح نقاش الاستغناء.
فهل حققت اللائحة الوطنية للشباب دورها حتى يمكن اسقاطها؟.
بمجرد الاطلاع على حصيلة الشباب الممثل في البرلمان وبجرد بسيط لها يتضح الضعف وعدم القدرة على تكريس صورة إيجابية لهذه اللائحة لا من حيث الترافع والدفاع على القضايا الشبابية داخل البرلمان ولا اكتساب القدرة والخبرة السياسية وبناء الشخصية السياسية التي تساعد هؤلاء الشباب على النزول إلى أرض الواقع وفرض أنفسهم بالعمل والفوز بمقاعد انتخابية محلية بعيدا عن اللائحة الوطنية، وبالتالي فالائحة الوطنية للشباب ابانت عن ضعفها في عدم الإرتقاء بتمثيلية الشباب وتمكينهم من التمرس بالحياة البرلمانية قصد انماء قدراتهم على الانخراط في النظام الانتخابي العام. انطلاقا من هذا واستنادا أصبح البعض ينادي بإلغاء اللائحة الوطنية للشباب وسندهم في ذلك أنها ترسخ لثقافة الإتكالية للشباب بعيدا عن العمل السياسي الجاد و المتمرس وبناء الشخصية السياسية التي تعتمد على القرب من المواطن والدفاع عن مطالبه وأن اللائحة هي تمييز وجب محاربته باعتبارها أصبحت مدخلا للريع والمحسوبية مما أدى إلى إغراق التنظيمات الشبابية في تشنجات وصراعات ولعل هذا ما يفرز ويلاحظ قبل كل محطة انتخابية من تقرب إلى حد التملق لزعماء الأحزاب للحصول على موقع في اللائحة وبالتالي فهذه كلها دفوعات مقبولة تسعى إلى الإطاحة باللائحة الوطنية للشباب.
ألا يعتبر إسقاط اللائحة الوطنية للشباب إجحاف في حق فئة الشباب اعتبارا لعوامل تتحكم في العملية الإنتخابية؟
في مقابل هذا الطرح هناك من يعتبر أن اللائحة الوطنية للشباب هي تمييز إيجابي يهم فئة عريضة ينبغي الدفع بها في المشهد السياسي من أجل تشجيعها على الانخراط في العمل السياسي والتعبير عن آرائهم، فهي نوع من التأهيل السياسي يقول مدافع، أليس التراجع عن اللائحة سينعكس سلبا على التجربة الديمقراطية للمغرب لأنها تهم فئة عريضة تسعى الدولة جاهدة إلى العناية بها وفتح الباب امام قدراتهم وأفكارهم، في وقت تكتسح وتهيمن الكهولة على المناصب القيادية في جل التنظيمات السياسية مما يدفع أن اللائحة الوطنية للشباب هي حصن ودرع حماية للفئة الشباب تضمن تمتيلهم داخل مؤسسة البرلمان باعتبارها مؤسسة سياسية دستورية وسيادية تمثل الإرادة الشعبية، مع استحضار بعض الإكراهات التي تحول دون إمكانية وقدرة الشباب على الثمتيلية في البرلمان وفق الطريقة العادية المتمثلة في الترشح بالدوائر المحلية وفق الطريقة العادية أي بالإقتراع المباشر وذلك لأسباب متعددة منها منطق الأعيان أو مايصطلح عليه في الاستحقاقات الإنتخابية بمول الشكارة بالإضافة إلى سيادة منطق التصويت على الأشخاص عوض البرامج واستغلال الأموال في الإنتخابات، وهذه كلها اكراهات تحول دون وصول الشباب إلى المقاعد البرلمانية وبالتالي فإلغاء هذه الآلية بدون تقديم وسائل بديلة وموضوعية فعالة هو إجحاف في حق فئة تمثل نصف الحاضر وكل المستقبل وهذا لن يزيد إلا في العزوف الإنتخابي بصفة خاصة والعزوف السياسي بصفة عامة.
انطلاقا من كل ما ذكر فلائحة الشباب اليوم فعلا تشكل هاجسا ينبغي تحكيم منطق العقل في التعاطي مع الإشكال وعدم الانصياع وراء العواطف والأحاسيس التي تحكم الموضوع من أجل اتخاد القرار السليم.