المغرب زمان الرحالات الفرنسيات نموذج من خلال كتاب : « … على طول امتداد المسالك المُغربية ». الجزء الأخير
فور تنمية: ترجمة ذ محمد بوخار
24 مارس.
استأنفنا رحلتنا على الساعة السابعة والنصف صباحا، وكانت الريح الباردة التي تهب من أعالي الأطلس تجمد أطرافنا، سرنا عبر ممر كثير اﻷحجار، عبرنا خلاله لمرتين متتاليتين بطن واد جاف، ثم مررنا بمحاذاة ركام كبير من الحجارة ” كركور” يدل المسافرين على المكان الذي ينبغي أن يسلكوه للخروج من بين مرتفعات الجبيلات. فجأة وبعد أن تجاوزنا « قبة سيدي بوكريشة » ، ظهر أمامنا منظرﻻ ينسى…مراكش !
كان ركبنا يتقدم متهاديا عبر واحة النخيل والتي كان علينا أن نقطعها في زهاء ساعة من الزمن قبل أن نصل إلى أسوار المدينة، ثم بدت أمام عيوننا حاضرة مراكش جلية بهية، تتسامى في وسطها صومعة الكتبية نحو السماء كما يتسامى دعاء ضارع متبتل لربه، وخلفها كانت ثلوج اﻷطلس العتيد تلمع تحت وهج شمس الظهيرة. لم أتمالك مشاعري وأحاسيسي أمام هذا المشهد الجليل، وبقيت أرنو إليه، ينتابني إحساس بالبهجة واﻻرتياح بعد أن قطعت من أجله طريقا جذباء تحت هذه الشمس الحارقة ! أصبح رجالنا فجأة كالمجانين، يصرخون ويصيحون: “مدام كتبية ” ويحفزون البغال التي يركبونها على العدو يفعلون ذلك كما لو أنهم يمتطون خيوﻻ في ميدان التبوريدة. كان لزاما علينا أن نطلب منهم أن يقللوا من حماستهم واندفاعهم، وكنا نعرف أن مراكش هي بالفعل جنة بالنسبة إليهم، فهي مدينة المتع والملذات والحسناوات الراقصات ! أصبح الركب اﻵن يمشي حثيثا في صمت والدواب تندفع أكثر فأكثر، وفوق المدينة كان الدخان الأبيض المتصاعد من فوهة المدافع يعلن حلول عيد المولد، عيد احتفال المسلمين بذكرى ميلاد الرسول. »