بابا وخليفة وإمبراطور.. زعماء قتلهم الوباء
كان ملفتا أن تتحدث صحف العالم عن أن كورونا “يصيب الأغنياء”، كما يصيب الفقراء، وأنه يوزع أهدافه بـ”التساوي”، فيصيب زعماء السياسة ورجال الأعمال والشخصيات المشهورة أيضا. بل، إن بعضهم وصفه بأنه “فيروس اشتراكي”.
لكن الأوبئة كانت في الحقيقة هكذا في أغلب الأوقات.
يرصد هذا المقال خمس شخصيات كبرى كانت على رأس هرم الدولة السياسي أو الديني في وقتها، لكنها سقطت صريعة أمام وباء اجتاح بلادها.
-
البابا بلاجيوس الثاني
شغل البابا بلاجيوس الثاني منصب بابا الكنيسة الكاثوليكية مدة 11 عاما بين سنتي 579م و590م. وهو البابا رقم 63. في نهاية سنة 590، اجتاح الطاعون العاصمة روما. وكان بلاجيوس الثاني أحد ضحاياه.
شغل بلاجيوس الثاني منصب بابا الكنيسة الكاثوليكية مدة 11 عاما.
-
الخليفة الظاهر الفاطمي
الظاهر لإعزاز دين الله، الخليفة السابع في الدولة الفاطمية والإمام السابع عشر لدى الشيعة الإسماعيلية. حكم مصر وسوريا صغيرا في عمر 16 عاما، لكنه توفي صغيرا أيضا بسب الطاعون سنة 1036م، ولم يتجاوز عمره 30 عاما.
تميزت فترة حكم الخليفة الظاهر بانتشار مهول للأمراض والأوبئة في مصر. يقول محمد بركات البيلي في كتابه “الأزمات الاقتصادية والأوبئة في مصر الإسلامية” نقلا مؤرخين مصريين قدامى: “في خلافة الظاهر لإعزاز دين الله الفاطمي، فشتِ الأمراض، وكثر الموت في الناس في سنة 415 هـ، وانشغل الناس بما هم فيه من وباء عن الاحتفال بليلة الميلاد (النبوي)، وتواتر الوباء والموت، حتى لم يكن يخلو منزل واحد من عددٍ من المرضى.. واختُتمت خلافة الظاهر بوباء آخر حل بمصر سنة 426هـ، لم يعش الظاهرُ بعده طويلا”.
-
سلطان المغرب أحمد المنصور الذهبي
أقوى سلاطين الدولة السعدية في المغرب. حكم 25 عاما، بين سنتي 1578م و1603م. بويع بالولاية عقب معركة وادي المخازن التي انتصر فيها المغرب على البرتغال وتوفي فيها أخوه السلطان عبد الملك وابن عمه السلطان محمد المتوكل وملك البرتغال دون سيباستيان (لذلك سميت بمعركة الملوك الثلاثة).
عقب وفاته، دفن أحمد المنصور الذهبي في فاس أولا ثم نقل إلى مراكش.
في عهده، وصلت الدولة السعدية إلى أقصى امتداد لها، إذ ضم المغرب آنذاك أجزاء كبيرة مما كان يعرف ببلاد السودان بما فيها منطقة تومبكتو في دولة مالي حاليا.
لكن المنصور الذهبي سقط قتيلا بسبب الطاعون الذي انتشر في المغرب خلال تلك الفترة.
يقول القاضي المغربي عبد الرحمن التمنارتي الذي كان معاصرا للسعديين، في كتابه “الفوائد الجمة في إسناد علوم الأمة”، عن هذا الطاعون: “لم يدع بيتا إلا صدعه، ولا بابا إلا قرعه، ولا جمعا إلا فرقه، ولا داخلا إلا طرقه، حتى اغتال الملك المنصور، وكل أسد هصور”.
-
ملك فرنسا لويس التاسع
حكم لويس التاسع فرنسا مدة 44 عاما بين سنتي 1226 و 1270. وكان ملكا متدينا، قاد حملتين صليبيتن لاستعادة بيت المقدس.
قاد لويس التاسع حملتين صليبيتين قبل أن يقتل في تونس بسبب الطاعون.
فبعدما فشلت حملته الأولى على مصر، قاد حملة ثانية على تونس (الحملة الصليبية الثامنة) التي وصلها سنة 1270م، لكن جيشه أصيب بالطاعون، وأصيب هو الآخر ليسقط قتيلا بسبب هذا الوباء بعد خمسة أسابيع فقط من وصوله إلى مدينة قرطاج، وفق ما يقول المؤرخون.
لكن دراسة طبية حديثة ترجح أن يكون لويس التاسع توفي بسبب نقص حاد في الفيتامين “سي” أدى إلى إصابته بمرض الأسقربوط. وبنت هذه الدراسات خلاصاتها من فحص عظام فك الملك الفرنسي التي ما تزال محفوظة حتى الآن.
والملك لويس التاسع يعد قديسا مسيحيا أيضا (القديس لويس)، إذ قامت الكنيسية بتطوبيه سنة 1297م. وهو ملكة فرنسا الوحيد الذي حظي بهذا الشرف.
-
الإمبراطور هوستيليان
لم يدم حكم هوستيليان على رأس الإمبراطورية الرومانية سوى أشهر قليلة بين يوليوز ونوفمبر سنة 251م.
وجاء حكمه في فترة تميزت بالكثير من الاضطرابات، فأبوه الإمبراطور ديكيوس وشقيقه هيرنيوس إتروسكوس قتلا معا في معركة أبريتاس ضد القوط.
وجه الإمبراطور هوستيليان على قطعة نقدية رومانية.
وحتى لما حكم هوستيليان لم يكن يحكم بمفرده فقد كان إلى جانبه إمبراطور شريك هو تريبونيانوس غالوس.
توفي هوستيليان بسبب الطاعون الذي اجتاح روما سنة 251م. ولا يعرف كم كان عمره حينها، إذ إن تاريخ ولادته مجهول.
خالد الغالي الحرة