عن التأويل الديني لوباء كورونا أيت الزين يكتب : أوجَاعُ أيّوب…بيْن الرّحمَة والغضَب…
ذ عبد الواحد أيت الزين
ثمّةَ تحويلٌ خَطيرٌ ومثيرٌ، بَاتَت تتعرّضُ لهُ صورةُ اللّه تعالَى، لاسيّمَا حينَ يتعرّض الإنسَان لكَارثَة طبيعيّة أو محنَة وجوديّة ما. الرّحْمانُ الرّحيم، الّذي وسعَت رحْمتهُ كلّ شيْء، يصيرُ فِي تأْويلاَت كوَارثيّة (كتلْك التِي تصدُر عن النّاس اليَوم تعْبيراً عن هشَاشتهم الرّوحية أمام كورونا) غاضباً مزَمجراً، منْتقمًا يغتاظ حتّى من مجرّد “قُبلَة مراهقَيْن” (وحَاشَاهُ ذلك).
وحْدهُ يهُوه (إلهُ اليهُود) من كانَت هذهِ صفَاتهُ، أمّا الصّورة التي للّه في المسيحيّة والإسْلام، فهيَ أبعدُ مَا تكُون عن الكوَارثيّة أعلاهُ. فكيفَ تسيّدَت “النسخَة اليهوديّة” ل “يهُوه” (الله) عالَمنَا اليَوْم؟ وكيفَ انسحَبت صورةُ اللّه، المحبّة، الجميل، العظيم، الرّحيم، ليصوّرَه لنَا البعض في شكل مُرعبٍ وَحدهَا “أسفار التوراة” من اختصّت به؟
هيَ الأَسْئلةُ التي صادفتُهَا منذُ زمَن، وأنَا أبحث في “سيرَة أيّوب” (من خلاَل سِفْره)، واليَوم وأنَا أعُود إلَى قراءَة “السّفر” نفسهِ (لغَايَة فِي نفْس يعْقُوب)، يسْتوقفٌني هذَا “الاسْتعْمَال اليوميّ” للمقدّس، فنجعلُه يغضَب ممّا نغضبُ منهُ، ويحبُّ مَا نحبّه، وينتقمُ ممّا نحنُ لسنَا راضينَ عنهُ. فكيفَ لنَا أنْ نصيرَهُ ! وأنّى لنَا أنْ نكُون هوَ…
كورُونَا حصيلَةُ ماجنَاهُ الإنسَان علَى نفْسه، منذ استئْلاَه “الرأسمَال الطّائِش” للمَال، ومَا ترتّب عنهُ مِن اسْتغْوالٍ لملاّك الاقْتصَاد العَالميّ وموَظفيهِم في السيّاسَة، والتّربية، والثقافة وغيرها.
ليْسَ لنَا نحنُ الذينَ لاَعلمَ لهُم اليَوم إلاّ “صبْر أيّوب”، لطمأَنَة النّفْس والصّبر على الوَجَع، فِي انْتظَار أنْ يستفرغَ العلمُ وسعَهُ لردّ آلاَم أيّوب وعلاجهَا…مؤسفٌ ألاّ نسهِمَ كثقَافَة وحضَارَة مُوغلَة في التّاريخ، سوَى فِي تأْخيرِ مسِيرَة العَالَم نحْو نفسهِ، بأَن نعيدَ نسْخَ مَا تقدّمنَا من أسَاطِيرَ منْظورَة فِي وعْينَا الجمعيّ بمَا يحْدثُ في العَالَم من تحوّلاَت وطفَرَات…
“(….)حاشَا للّه من الشرّ، وللقَدير من الظّلم (…) إنّ اللّه لاَ يفعلُ سُوءاً، والقَديرُ لاَ يعوّجُ القضَاء”، أليهُو، (الإصْحَاحُ 34، سفرُ أيّوب)
واللّهُ أعلَمُ
مقال في المستوى رفيقي