OCP

الباحث المغربي في الذكاء الإصطناعي جواد دابونو : استراتيجية المغرب في مواجهة كورونا كانت ذكية وهذا مايقدمه هذا العلم للبشرية

0

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

 فور تنمية.

في سلسلة حوارات تقترحها جريدة فور تنمية على زوارها مع باحثين و مفكرين ومثقفين وأدباء ومن أجل فهم أكثر وأعمق للتغيرات  التي عرفتها المجتمعات  بعد تفشي جائحة كورونا .

في  هذه الحلقة الرابعة  لحواراتنا نستضيف الباحث المغربي  في مجال الذكاء الاصطناعي جواد دابونو وهو بالمناسبة رئيس سابق لجمعية الذكاء الترابي بمدينة القنيطرة و عضو مؤسس للجمعية المغربية للذكاء و الاستراتيجيات الترابية لنطرح وإياه مجموعة من القضايا الآنية المرتبطة بالذكاء الاصطناعي  في مواجهة كورونا.

كيف يقضي الباحث جواد دابونو فترة الحجر الصحي؟ وهل من أنشطة تقوم بها في يومك؟

أقضي جل وقتي أهيء الدروس لطلبتي في سلك الهندسة المعلوماتية بكلية العلوم و التقنيات بسطات. رغم أنني دأبت منذ سنوات على استخدام الوسائط المتعددة لإعداد و نشر بعض دروسي عبر شبكة الانترنت، إلا أن التحول الكامل و بشكل مفاجئ إلى التكوين عن بعد يشكل لي كما لجميع الأساتذة تحديا كبيرا و يتطلب جهدا كبيرا. كما أنني مع أهم المختصين في مجال الذكاء الاصطناعي و تطبيقاته بالمغرب نشتغل في إطار MOROCCO AI التي تعمل على تشجيع المغاربة على الانخراط في هذا الميدان العلمي و التكنولوجي المهم، و أشتغل على أبحاث علمية مرتبطة بهذا المجال و أخرى مرتبطة الذكاء الترابي. بالطبع تواجدي باستمرار في المنزل إلى جانب الأبناء يفرض علي كذلك متابعة دراستهم.

كما أنني، بين حين وآخر، أطالع كتبا في ميادين أخرى كالآداب  والعلوم الاجتماعية و الفلسفة.

كثر الحديث مؤخرا منذ ظهور كورونا عن الذكاء الاصطناعي فما هو هذا العلم ؟

يُمكن تعريف الذكاء الاصطناعي على أنه يمثل قدرة الآلات والحواسيب الرقميّة على القيام بمهام مُعينة تُحاكي تلك التي يقوم بها عادة الانسان و التي تتطلب منه مهارات ذهنية. و يرتكز الذكاء الاصطناعي على خواريزميات ذات قدرة على التعلُم من خلال معطيات توفرها تجارب سابقة ما يجعل الألات تبدو كأنها تتمتع بالذكاء والفهم.

و الذكاء الاصطناعي في الوقت الراهن مستخدم على نطاق واسع بواسطة الهواتف النقالة من خلال التطبيقات الذكية و الألعاب الالكترونيّة و في الصناعات المتطورة و العلوم الاقتصادية و علوم الأحياء و حتى في العلوم التي قد تعتبر تقليدية كعلم الاجتماع. كما أنه يدخل إلى كل مناحي حياتنا من خلال البيوت الذكية و المدن الذكية و السيارات ذاتية القيادة

يلعب الذكاء الاصطناعي دورا إيجابيا في مجالات التنبؤ والتشخيص والعلاج فإلى أي درجة ساعدنا الذكاء الاصطناعي فعليا في فهم ومحاصرة وباء كورونا ؟

ما لفت الانتباه إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه الذكاء الاصطناعي في مواجهة جائحة كورونا هو أن شركة بلو دوت الكندية تمكنت من التنبؤ بظهور الوباء، معتمدة على معالجة البيانات بواسطة التعلم الآلي، حوالي عشرة أيام قبل منظمة الصحة العالمية. كما أن استعراض الدول الاسيوية كالصين و كوريا الجنوبية و سنغافورة لتكنولوجيات تستخدم الذكاء الاصطناعي في تتبع و مراقبة مدى احترام مواطنيها للإجراءات المتخذة للحد من تفشي الوباء أكد هذا الأمر.

و يمكن تنظيم الدور الإيجابي للذكاء الاصطناعي  في مواجهة وباء كورونا، خاصة لبلد كالمغرب، في أربع مستويات :

المستوى الأول: التنبؤ بظهور الوباء و سرعة و أشكال انتشاره و العوامل التي تؤثر في ذلك. و هذا ما يساعد الدول على الاستعداد للجائحة و يسمح لها باتخاذ الاجراءات المناسبة للتقليص من عدد الاصابات و الحد من انتشار الوباء.

المستوى الثاني: التشخيص المبكر باستخدام التعلم الآلي، و ظهر ذلك بشكل جلي في الصين حيث استخدمت كاميرات متطورة لمعالجة و أجهزة استشعار بالأشعة تحت الحمراء لفحص وجوه المواطنين و قياس درجات حرارتهم من أجل التنبؤ باحتمالية إصابتهم بالفيروس. كما تم استعمال التصوير الصدري المستند إلى الذكاء الاصطناعي لذات الغرض.

المستوى الثالث: تقديم الخدمات الصحية بشكل آمن و فعال، و يتعلق الأمر هنا باستخدام الروبوتات لتقديم بعض الخدمات الصحية للمصابين بفيروس كورونا أو لتعقيم الأماكن و الأجهزة المعرضة لانتشار الفيروسات و اللجوء للطائرات المسيرة لتزويد المناطق الموبوءة بالمؤن و الأجهزة الضرورية. و يكون ذلك لتجنب العدوى أو للدقة التي تتميز بها هذه التكنولوجيات المتطورة.

المستوى الرابع: توفير إمكانيات تدبير مرحلة تفشي الوباء، ذلك أن توسيع نطاق الرقمنة مدعومة بخوارزميات الذكاء الاصطناعي تمكن مؤسسات مختلفة و قطاعات اقتصادية عديدة من الاستمرار في نشاطها و إن كان بشكل أدنى من المعتاد. و هذا ما يساعد الدول و يشجع مختلف الفاعلين و المعنيين من الالتزام بالإجراءات الصارمة التي تضطر الحكومات لاتخاذها لتجاوز كورونا.

كيف يمكن أن تخفف تطبيقات الذكاء الاصطناعي من واقع العواقب الوخيمة جراء تفشي كورونا في كافة أنحاء العالم؟

يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي كذلك في ابتكار لقاحات لفيروس كورونا المستجد، غير أن ذلك يتطلب مختبرات متطورة جدا وبمعايير صارمة وبنية تحتية لصناعة الأدوية هي في الوقت الراهن غير متوفرة بالشكل المطلوب ببلدنا.

لابد كذلك من التذكير بأن دولا متطورة في مجال الذكاء الاصطناعي، كأمريكا، وحتى قريبا منا، إسبانيا وإيطاليا وفرنسا، وكلها تتفوق علينا في هذا المجال، ومع ذلك كلها عانت، وبشكل كبير، من جائحة كورونا. لذلك لا يجب أن ننتظر من الذكاء الاصطناعي أكثر مما يحتمل. تبقى هذه التكنولوجيا مجرد أداة لا تكون مفيدة إلا في إطار سياسة ناجعة و نسق متكامل لمواجهة الوباء و تجاوز الأزمة التي يخلقها.

كما أن النتائج الايجابية التي حققها استخدام الذكاء الاصطناعي بالصين وبعض الدول الاسيوية الاخرى كان ضمن منظومة اجتماعية وثقافية وسياسية مختلفة عما هو عليه الحال في جل دول العالم حيث تم اللجوء لوسائل ضبط وتتبع المواطنين واستغلال لبياناتهم الشخصية إلى حد ربما لن يكون مقبولا في أقطار أخرى.

هل المغرب نجح في استغلال الذكاء الاصطناعي في مواجهة كورونا ؟

يمكن اعتبار الاستراتيجية التي اتبعها المغرب للتصدي لجائحة كورونا حكيمة في تنزيلها ومعتدلة في لجوئها إلى الذكاء الاصطناعي أو استغلال البيانات الخاصة، كما أفادت بذلك تقارير دولية خاصة مقارنة مع دول في المنطقة العربية اعتمدت بشكل كبير على استيراد منظومات وتبني حلول جاهزة صممت في بقاع أخرى. عوض ذلك تبنى المغرب استراتيجية استباقية تجنبه الوقوع في الكارثة واعتمد في تدبيره للجائحة بشكل كبير على بناء الثقة بين المواطن ومؤسسات الدولة لجعله ينخرط تلقائيا في الإجراءات المتخذة، ثم لجأ إلى استخدام البيانات المتوفرة كمكمل لإنجاح التدابير المتخذة.

والجدير بالذكر أن تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي تعتمد مقاربات ومدارك تتطلب إلى جانب المهارات التقنية المتقدمة في مجالات متخصصة، معارف متعددة التخصصات وقدرات على الاشتغال ضمن فرق بحث وابتكار غالبا ما تكون كبيرة. كما تتطلب انفتاح الجامعات ومراكز البحث على محيطها السوسيواقتصادي للاشتغال على المشاكل الحقيقية المطروحة على أرض الواقع. كل هذا ضمن نسق تراكمي يرمي إلى توطين المعارف والعلوم والتكنولوجيات على المدى البعيد. كل هذا لايزال بعيدا عنا بالمغرب حيث تطغى المبادرات الفردية وفي الغالب المتكررة والمنزوية. والامل الآن أن تدفع جائحة كورونا إلى أن يتم تبني الذكاء الاصطناعي بالمغرب، ليس فقط لمواجهة الأوبئة، ولكن لأنه لا نمكن تحقيق أي تنمية بدون الاعتماد على التكنولوجيا التي تشكل المورد الأساسي والثروة الاولي في عصرنا الحالي.

 

احصل على تحديثات في الوقت الفعلي مباشرة على جهازك ، اشترك الآن.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.