فور تنمية
سطع نجم موسم الطلبة والرمى والخيالة في دورته الثامنة عشرة بجماعة صخور الرحامنة، ليؤكد مكانته كأحد أبرز المعالم الثقافية بالمغرب، مجسدًا لوحات فنية متكاملة من التبوريدة التي تزاوج بين عراقة الماضي وسحر الحاضر.
في فضاء المحرك، تحوّلت الساحات إلى مسرح مفتوح تتناغم فيه خيوط البارود المضيء مع صهيل الخيل الأصيل، فيما أبدعت السربات الوطنية، المعتادة على التتويج في كبريات المحافل كـ”دار السلام” ومعرض الفرس، في تقديم عروض أسطورية حبست أنفاس الآلاف من المتفرجين.
جاء هذا الموعد البهيج متزامنًا مع احتفالات الشعب المغربي بذكرى ثورة الملك والشعب وعيد الشباب، ليضيف للمناسبة عمقًا رمزيًا وحمولة وطنية تزيدها إشعاعًا وتألقًا. أما التنظيم فكان في مستوى التطلعات، حيث تم تجهيز مدرجات رحبة للجمهور، إلى جانب خيمة رسمية منحت للحدث رونقًا بروتوكوليًا يليق بمقام الضيوف والشخصيات البارزة.
هذا المهرجان لم يكن مجرد تظاهرة عابرة، بل هو جسر يربط ماضي الأجداد بحاضر الأبناء، مستحضرًا أمجاد الفرسان الذين صالوا وجالوا دفاعًا عن الوطن، ومكرسًا جهود الأجيال الحالية لصون هذا الموروث الأصيل. ومع انخراط المملكة في النهوض بفنون الفروسية التقليدية، أصبحت التبوريدة تراثًا إنسانيًا عالميًا مسجّلًا في قائمة اليونسكو، ومبعث فخر لكل المغاربة.
وقد شهدت المناسبة حضورًا وازنًا لفعاليات رسمية وجمعوية وإعلامية، يتقدمها عامل إقليم الرحامنة السيد عزيز بوينيان، الذي حظي بتكريم خاص تقديرًا لدعمه المستمر لهذا الصرح الثقافي، إلى جانب شخصيات أخرى أسهمت في إنجاح الدورة بروح من العطاء والإبداع.
ولأن النجاح عمل جماعي، فقد برزت يقظة السلطات المحلية، من قائد صخور الرحامنة، والقائدين الإقليميين للدرك الملكي والقوات المساعدة، ورجال الوقاية المدنية، إضافة إلى الجاهزية الصحية واللجان التنظيمية، ليشكل الجميع لوحة من الانسجام والتفاني تستحق الإشادة.
إنه ليس مجرد موسم، بل عرس وطني تتعانق فيه أصوات البنادق مع التصفيق، وصهيل الخيول مع أهازيج التراث، في سيمفونية خالدة تكرّس حب الأرض والوفاء للأصول.